28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

بحثٌ إسرائيليٌّ: نصر الله حفر حفرةً عميقةً بالوعي الجمعيّ بالكيان والمُواطنون باتوا يعتمِدون على خطاباته وإطلالاته لاستقاء المعلومات ولا يُقيمون وزنًا لتصريحات قادتهم

بحثٌ إسرائيليٌّ: نصر الله حفر حفرةً عميقةً بالوعي الجمعيّ بالكيان والمُواطنون باتوا يعتمِدون على خطاباته وإطلالاته لاستقاء المعلومات ولا يُقيمون وزنًا لتصريحات قادتهم الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
في بحثه العلميّ عن العلاقة بين الإعلام والجيش في حرب لبنان الثانيّة، أكّد د. أودي ليبل، أستاذ العلاقات الدوليّة في جامعة بئر السبع أنّه توصّل لنتيجةٍ قاتمةٍ للغاية حول الدعاية الإسرائيليّة: “لقد وصلنا إلى وضعٍ من الجنون، فعوضًا عن قيام الجمهور الإسرائيليّ بالاستماع إلى الناطق الرسميّ في الكيان حول مجريات حرب لبنان الثانيّة في صيف العام 2006، فإنّه توجّه إلى ألّد الأعداء، أي زعيم حزب الله حسن نصر، لكي يعرف ماذا يدور في أرض المعركة، وهذا العدوّ هو الذي كنّا وما زلنا نحاربه”، كما نشر في موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ.
ولا يختلِف عاقلان في أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حفر عميقًا في الوعي الإسرائيليّ، لا لأنّه الشخص الذي يقف على رأس الجهة التي تمثل التهديد الاستراتيجيّ الثاني لإسرائيل بعد إيران فحسب، بل أيضًا باعتباره رمزًا للمصداقية والمعرفة العميقة بمجتمعها وعسكرها وسياسييها، إلى درجة بات فيها اسمه في المفردات العبرية المتداولة لدى العامّة والخاصّة، دلالة على كلّ ما يهدد إسرائيل والإسرائيليين، جماعة وفرادى. وما زال السيّد نصر الله، موضع بحث لدى كبار صنّاع القرار في الدولة العبرية، وفي مراكز الأبحاث الإسرائيليّة، التي تُحاول سبر أغوار هذه الظاهرة التي ما زالت تقض مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبا، فقد خاض الشيخ نصر الله نصف الحرب النفسية بالكلمات والعبارات التي حرص على انتقائها خلال إطلالاته الإعلامية.
وبلغ تفاعل جمهور المقاومة مع خطابه حدًّا أصبحت معه تعبيرات وجهه ونبرة صوته محلّ تحليل ومبعث طمأنينة أوْ قلق، تبعاً لحالته. وفي الجهة المقابلة، رصد الجمهور الإسرائيليّ خطابات نصر الله من باب الثقة في صراحته، مقارنةً مع التعمية الذي مارستها القيادة الإسرائيليّة إزاء مجريات الحرب العدوانيّة التي شنّها الاحتلال على لبنان في صيف العام 2006، مضافًا إلى ذلك، فإنّ أهمية وقع كلمات الشيخ نصر الله دفعت السلطات الإسرائيليّة ووسائل الإعلام الغربيّة إلى تخصيص مساحة لتحليل شخصية الأمين العام لحزب الله والرمزية التي أصبح يمثّلها في العالمين العربي والإسلامي، على حدٍ سواء.
هل أثّر المكوث الطويل تحت الأرض على مزاجه؟ هل يخشى على حياته أمْ أنّه يواصل الإيمان بالنصر؟ ماذا يخطّط لما بعد الحرب؟ أسئلة طرحتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة من خلال تحقيق جاء تحت عنوان: الخبراء الذين يدخلون رأس نصر الله، كشفت فيه عن تشكيل سلطات دولة الاحتلال طاقمًا من 15 فردًا بين محلل استخبارات ومستشرق وعالم نفس لتحليل شخصية نصر الله، وإعداد بروفيل متجدد له، واستند فريق الخبراء هذا إلى جملة معطيات، من بينها لغة الجسد وحركة اليدين وتعابير الوجه. وفي السياق عينه، نشرت صحيفة “معاريف” قبل سنوات، عن “سمكة نصر الله”، وهي سمكة بدأت تظهر في المياه الإقليمية لإسرائيل منذ عام 2007، ذات مظهر جميل، لكنها تحمل سمًا يصيب الإنسان بالشلل، وأحيانًا بالموت، من دون وجود أيّ ترياق فعّال لسمومها.
وبحسب وسائل الإعلام العبريّة، لم تعد هذه السمكة كما كانت عليه في السنوات الماضية، حالة منفردة، بل باتت تمثل خطورةً كبيرةً لتزايد أعدادها بعد أنْ غزت مياه المتوسط، قادمة من البحر الأحمر عبر قناة السويس، وهو ما دفع السلطات الإسرائيليّة إلى رفع صورة “سمكة نصر الله” مع تحذيرٍ خاصٍّ، على الشواطئ التي يرتادها العامّة وداخل نوادي الغوص، تحت عنوان: Wanted.
بالإضافة إلى ذلك، قبل فترة، كان لصحيفة “هآرتس” مقال عن شخصية الأمين العام لحزب الله، حللت فيه توغل صورته في الوجدان الإسرائيليّ، حيث قالت إنّ ظاهرة نصر الله لم ترتبط بالوعي الجمعيّ للإسرائيليين نتيجة للحروب التي خاضها في مواجهات عدة، بل بالصورة التي راكمها عبر السنوات الماضية كشخصية ذات صدقية وحازمة ومتخصصة بالشأن الإسرائيليّ.
وأضافت أنّ ظاهرة نصر الله لم تكن على ما هي عليه الآن، لو لم تكن مبنية على مدار سنوات طويلة في الإعلام الإسرائيلي، كشخص استطاع أنْ يكسب صورة الرجل الموثوق، وعن حق، أنّه اقتلع الجيش الإسرائيليّ من لبنان، وأوجد حالة ردع كبيرة جدًا في وجه إسرائيل، لا مثيل لها في أي دولة عربية محاذية لإسرائيل.
بكلمات أخرى، أضافت الصحيفة، استطاع نصر الله، للمرّة الأولى، كقائدٍ عربيٍّ، أنْ يكسر الصورة النمطية للقادة العرب، وأثبت أنّه لا يثرثر بلا طائل، ولا يكذب، ودقيق في كلامه وآهل للثقة، كاشفةً النقاب عن أنّه نتيجة لهذه الحقيقة، قررت سلطات البث الإعلاميّ في إسرائيل أنْ تتعامل مع خطابات نصر الله باعتبارها سلاحًا فعليًا وحقيقيًا ضدّ إسرائيل، وهذه الحقيقة غير الخافية على الأمين العام لحزب الله، هي التي دفعته إلى القول إنّ الإسرائيليين يصدقونه أكثر ممّا يصدقون قادتهم، والتشديد على أنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت.
وعودة إلى البحث العلمي للدكتور ليبل: يخلُص إلى القول إنّ هناك أزمة قيادة صعبة في إسرائيل، لأنّ الجمهور ينظر إلى قيادته على أنّها مُنقطة عنه، وليست رسميّة ومتعاليّة، ولن يجري وراءها في المُواجهة العسكريّة القادِمة، على حدّ تعبيره.
المصدر :رأي اليوم.
جريدة الأيام الإلكترونية. بيروت