الشيخ نعيم قاسم: من حق المقاومة أن تستمر وبدون الإعمار لا يوجد إصلاح وإنقاذ/ جريدة الايام الإلكترونية
وتابع خلال مقابلة مع قناة "المنار": "الأمن الداخلي وحماية البلد ليست مسؤوليتنا، بل مسؤوليتهم هم، فليقم الجيش وقوى الأمن الداخلي بتلك المسؤولية، والقوى الأمنية الأخرى، نحن مقاومة". وردا على سؤال حول المطالبة بأن يكون قرار الحرب والسلم حصرا بالدولة، اعتبر أنه "ولا مرة كان هناك حرب إلا من قبل إسرائيل، حتى الآن جميع الحروب بدأت بها إسرائيل. إن كانوا قادرين على منع إسرائيل من شن الحروب، جيد، هكذا يكونوا استطاعوا أن يمتلكوا قرار الحرب والسلم. وهذا ليس له علاقة بوجوب الحماية عندما يشعر الشخص بالخطر".
وبالنسبة إلى تشييع الشهيد السيد نصرالله، قال قاسم: "من يراجع كيف نحن وصلنا إلى قرار التشييع يستطيع أن يقول إن هذا تشييع إلهي، لأنه بعدما استشهد سماحة الأمين العام السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، سيد شهداء الأمة، كان هناك تواصل بيني وبين سماحة السيد هاشم. كنا نتفق أي يوم ممكن أن يكون الدفن، على أساس يوم أو يومين بعد الشهادة، لكن الظروف التي كانت موجودة كانت معقدة جداً، فاتفقنا على تأجيل الدفن، لأن هناك خطراً على الناس. وإذ بالأمور تتأجل إلى هذه اللحظة، وتبين أن هذا التأجيل أتاح لنا فرصة من حوالي شهر قبل الدفن أن نجد قطعة أرض على طريق المطار، وأيضاً أن يكون لنا فرصة من أجل أن ندعو الناس إلى المشاركة. بالحقيقة، مشاركة الناس استثنائية. أنا شعرت بأن الناس تقول: نحن مستمرون، إنا على العهد يا نصر الله. الناس تقول المقاومة ليست فكرة، المقاومة ليست مرحلة، المقاومة طعام وشراب ودم يسري في العروق. المقاومة الطفل والمرأة والرجل والكبير والصغير. وبالتالي، هذا التشييع هو بالحقيقة ليس تشييعا لشخص رحل أو لشخصين رحلا، هذا التشييع للمستقبل. وهذه صلة بين الأمينين العامين قدس الله روحهما وبين المستقبل الذي سنتابع فيه معاً مع هؤلاء الناس. لست أنا من أقول إن هذا التشييع كان مهيبًا وعظيمًا، لوحدي، كل الناس تقول هكذا، كل الانطباعات، حتى الأعداء لم يستطيعوا أن يتجاوزوا الحشود، وهذا يدل على أن هذه المقاومة متجذّرة ومتأصلة. شعب المقاومة والجمهور المؤيد والمناصر، حتى ولو كان بعيدًا عن البيئة المباشرة. أنا دائمًا أحب أن أستعمل كلمة "جمهور المقاومة"، الجمهور أقصد به البيئة والمناصرين والمؤيدين في مختلف أنحاء العالم، ليس ضروريًا أن يكونوا محازبين أو قريبين أو من نفس العائلات. جمهور المقاومة جمهور صلب، صادق، مستعد لأن يقف في الملمّات. وهذا الجمهور يقول: نحن هنا. هذا التشييع يعني "نحن هنا".
وأشار إلى أن "المشهد واضح لدينا تماماً، لكن في بعض التفاصيل نحن بحاجة للتدقيق بها أكثر. نحن كان لدينا مشكلة انكشاف أمني وبعض الخلل، نرى في التحقيق الذي نجريه بالتحديد أين هي التفاصيل التي يجب أن نستخلص منها الدروس والعبر ونحاسب بنفس الوقت. لكن نحن استفدنا من هذه المشكلة مباشرة بمعالجتها في قلب الحرب، يعني مثلًا تغيرت أماكن، وتغيرت وسائل التواصل، وتغيرت أشياء كثيرة خلال هذه الفترة. لا أحب الحديث بالتفاصيل لأنه يكشف بعض الأسرار العسكرية. ما أسسه سماحة سيد شهداء الأمة، قدس الله روحه، السيد حسن، والعدد الكبير والقوة المقاومة والمعنويات وهذه الإمكانات، ليس بمجرد استشهاد القيادة نخسر كل هذا، لا. ابتداء من 8 تشرين الأول إلى يوم الاتفاق، كان لدينا وتيرة يومية من القصف بالصواريخ وبالطيران، وصمود الشباب الموجودين على الحافة الأمامية، وكان صموداً أسطورياً، لم يسمح للإسرائيلي بأن يقترب ولا يستطيع أن يحقق أهدافه الميدانية. أنا أرجّح، لو استطاعوا الاقتراب، ليس فقط إلى نهر الليطاني، ما الذي يمنع من الوصول إلى العاصمة بيروت؟ لا شيء يمنع، لأن تكرار تجربة سنة 1982 موجودة في أذهانهم. 75,000 من الضباط والجنود الإسرائيليين على الجبهة حتى يتقدموا مئات الأمتار، لا، على أساس أن يكتسحوا ويكملوا إلى الأمام، لكن الصمود الأسطوري للشباب، الإمكانات التي استُخدمت وكانت ما زالت موجودة ومتوفرة، وعندما استمرينا حتى وقف إطلاق النار، يحصل وقف إطلاق النار فقط بسبب الأحد الأسود بالنسبة لهم، قبل أربعة أيام، حتى كل المسار، حتى قصف تل أبيب وضرب مركز غولاني، وحتى الوصول إلى بيت نتنياهو، كل هذه كانت من العوامل التي دفعت الإسرائيلي ليقول إنه مستعد للدخول في الاتفاق. عندما حصل الدخول في الاتفاق، كان بناءً على أن هناك قدرة موجودة، ونحن عندما أوقفنا يوم الاتفاق، أوقفنا ولدينا قدرة. هذه القدرة، يسميها 30%، 50%، 20%، لا يهمني ماذا يسميها. المهم أن هذه القدرة تحت أيدينا، قادرون على استخدامها، واستعملناها بالطريقة المناسبة، ووصلنا للاتفاق، ولا زالت هذه القدرة موجودة.
وأكد الشيخ قاسم أن "المقاومة بخير ومستمرة، لكن جُرحت وتأذت وحدثت لديها تضحيات. لكن هل يتوقع أحد أن تستمر المقاومة من دون تضحيات؟ الآن هناك تضحيات كبيرة، نحن نعرف هذه التضحيات الكبيرة أين قُدمت، وفي مواجهة من؟ إسرائيل بكل إجرامها، وأمريكا بكل طغيانها وإجرامها وإمكاناتها وكل أسلحتها، وشاركتها دول أوروبية، كلهم جميعاً جمعوا كل إمكاناتهم الإعلامية والسياسية والعسكرية والثقافية والتعبوية، ولم يتركوا إجراماً في الدنيا إلا واستعملوه وصبوه من خلال الإسرائيلي حتى يواجهوا هذه المقاومة في فلسطين ولبنان. نحن نواجه خطراً كبيراً جداً، من يود مواجهة خطر كبير عليه أن يسأل: كيف خرجت بعد الخطر؟ لا يُسأل كم تكلفت، لأنه مهما دفعنا، هذا له علاقة بحجم المعركة. حتى الإسرائيلي، ألم يخسر؟ خسر الإسرائيلي ودفع الإسرائيلي، وكل مستوطناته ومستوطنيه لم يعودوا. وأكثر من مئة ألف مستوطن حتى الآن ما استطاعوا العودة، كل هذه خسائر في الاقتصاد، والعسكر، وقتل الجنود، والصرخات التي كان يصرخها الجنود الإسرائيليون. علينا أن ننظر إلى أن العدو يدفع. نحن دفعنا ثمناً كبيراً، نعم، دفعنا كثيراً، لكن المقاومة مستمرة، الحمد لله، هذا المشهد، ماذا يقول هذا المشهد؟ يقول إن المقاومة مستمرة".
وأكد أن "الاتفاق واضح، وأنا سأروي هذه المرة سردية الاتفاق ليكون الجمهور وكل المعنيين عارفين تماماً ما هو هذا الاتفاق. هذا الاتفاق أُعلن ووزع ونُزل في وسائل الإعلام. لا يوجد أي أوراق سرية؟! هذا اسمه اتفاق، هذا الاتفاق، يأتي واحد ويقول الأمريكي اتفق مع الإسرائيلي، أنا ما علاقتي، هو يسألني عندما يتفق مع الإسرائيلي. هو، بطريقة ضغوطاته على الإسرائيلي، حتى يفعل الإسرائيلي كما يريد، يعده وعوداً معينة، ما لي علاقة بها. لا يوجد اتفاق سري ولا يوجد بنود تحت الطاولة. هذا هو الاتفاق. هذا الاتفاق فيه كلمة جنوب نهر الليطاني خمس مرات، خمس مرات، يقول إن جنوب نهر الليطاني هو الإطار الذي يجب أن نعتمد عليه. ماذا يقول هنا: "فإن القوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية والبنية الأساسية والأسلحة ستكون المجموعات المسلحة والأسلحة والمواد ذات الصلة الوحيدة المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني". وفي محل آخر: "بمنطقة جنوب الليطاني تفكيك كافة المرافق غير المصرح بها. في منطقة جنوب الليطاني تفكيك كافة البنية الأساسية والمواقع العسكرية". خمس مرات، يعود ويقول: "سوف تنتشر القوات المسلحة اللبنانية وتُقيم الحواجز ونقاط التفتيش على جميع الطرق على طول الخط الذي يحدد منطقة جنوب الليطاني". خمس مرات ورد جنوب الليطاني. هذا الاتفاق هو جزء من الـ1701 لإنهاء هذا العدوان. واضح جداً، على إسرائيل أن تنسحب، وكل ما فعلته خلال الـ60 يوم هو خروقات، لأنها ليس لديها حق. على إسرائيل إن كان لديها ملاحظة العودة للجنة، لكن اللجنة رئيسها "حاميها حراميها"، رئيسها أمريكي، وبالتالي هو يسهل".
وتابع: "نحن وافقنا على الاتفاق على قاعدة أن الدولة اللبنانية ستتابع الاتفاق، وجزء من الاتفاق سيكون فيه لجنة إشراف. ليس لدينا خيار أن نحدد لجنة الإشراف التي تعجبنا. نحن دخلنا إلى النقاط، النقاط بالإجمال مقبولة وهي تحت سقف الـ1701، لذلك نحن أوقفنا بناءً عليه، واعتبرنا أن الدولة باتت مسؤولة. لكن إسرائيل قامت بالخروقات وتدّعي أنها تواجه الحزب، وأن الحزب لم ينفذ".
ورأى أن "وزير الخارجية هو الذي يعطي الذريعة لإسرائيل، يقول لها: هناك ناس في لبنان يبررون لك الاعتداءات المختلفة. لا يناسب أبداً أن يصدر هذا المنطق من أي مسؤول في الحكومة، خاصة وزير الخارجية. نحن أمام عدوان إسرائيلي، نحن التزمنا بالاتفاق، 2000 خرق إسرائيلي حتى الآن، الجيش اللبناني هو الذي يعلنهم ويتحدث عنهم. ولو، أخرج وقل: على إسرائيل الخروج، قل: لا نقبل أن تكون إسرائيل محتلة. نحن التزمنا كحزب، نحن التزمنا. أين نعطي ذرائع في قلب الجنوب؟ نحن خرجنا من جنوب نهر الليطاني، وتسلم الجيش اللبناني. يقتلون أشخاصاً ويعتدون على أشخاص في سياراتهم المدنية، في بيوتهم، في أماكن بعيدة عن المواجهة. من يواجه على الحدود؟ من يقف على الحدود؟ أين هي الذريعة؟ لا يوجد ذريعة. إسرائيل ليست بحاجة لذريعة، لكن لا يليق بمسؤولين لبنانيين أن يتحدثوا بهذا المنطق. أنا أتفهم أن هناك ناساً تتحدث هكذا مما يسمون أنفسهم "سياديين"، لكن أقول لهم: التفتوا، نحن بوطن واحد، يجب أن نتعامل مع بعض، ونكون إيجابيين تجاه بعض. ولو كلمة واحدة فقط، اعترضوا على إسرائيل. كل جمعة، مرّروا كلمة أن "إسرائيل يجب أن تنسحب"، هل بلعت ألسنتكم؟ لم يعد بإمكانكم التحدث بكلمة عن إسرائيل؟ ما في إلا أن تتحدثوا عنا، أنه نحن يجب أن نقوم بإجراءات، نحن يجب أن نتخلى عن السلاح، نحن يجب ألا نعود مقاومة؟ لن نوقف مقاومة والذي يطلع بيدكم يطلع، وسنرى إلى أين ستصلون بالنهاية. يا جماعة، الأرض محتلة، وتقول لي اترك إمكاناتك، لمَن؟ للإسرائيلي؟ وتبرر للاحتلال الإسرائيلي؟ لماذا تزعل عندما يقولون عنك أنك تعمل بالمشروع الإسرائيلي؟ طالما المنطق واحد والكلام واحد، اخرجوا فقط من هذه القصة، آمنوا بأننا نعيش مع بعض".
وتابع: نحن عندما نقول أنّ المقاومة مستمرة، نحن ونتحدث عن الدولة القوية، ماذا يعني مستمرة؟ بالكتب!؟ مستمرة في الميدان. عندما شارك عناصر وحدة الرضوان في التشييع، ما الرسالة من هذا المشهد؟ أنّه نحن هنا، وليس معناه أننا غائبون. كان مقصودًا هذا المشهد، لأننا نريد أن نقول ما زلنا موجودين في الساحة، ما زلنا مستمرين. الذي تغير – وقد ذكرت ذلك سابقًا وسأعيد التأكيد عليه – نحن في مرحلة جديدة بلا شك، لكن هذه المرحلة لم تتغيّر فيها الثوابت، بل ستتغيّر فيها أساليب وطرق وأزمنة. العمل المقاوم من الثوابت، كيف يمكن أن ينعدم العمل المقاوم؟ إذا انعدم العمل المقاوم سيبقى هناك لبنان أصلًا؟ لا يعود هناك لبنان، فقط تنتظرين بضع سنوات حتى يتم ابتلاعه. مجرد إسقاط النظام في سوريا جرى ابتلاع 400 كيلومتر مربع من منطقة الجولان. هل تعلمين أن غزة بأكملها تبلغ 360 كيلومترًا؟ أي أنهم أخذوا ما يزيد عن مساحة غزة، ودمروا كل القدرات العسكرية الموجودة للجيش السوري. والآن، أيضًا، يتدخلون في مواقع عديدة، يقتربون، يبتعدون، يجردون السلاح. هذا المشهد كُنّا لنراه في لبنان لولا وجود المقاومة. المقاومة منعت إسرائيل. البعض يسأل الآن: ماذا ردعت المقاومة؟ نعم، لقد ردعت. لم تسمح لإسرائيل بالاقتراب، لم تسمح لإسرائيل بالاحتلال، لم تسمح لإسرائيل بالتوسع في الأرض. الإسرائيليون يعرفون اليوم جيدًا أنه إذا لم يخرجوا من الأرض، فسوف يُواجهون مقاومة، ليس الآن، بل لاحقًا، لاحقًا متى؟ بعد يوم، بعد شهر، بعد كم من الوقت، لا أعلم. لكننا صابرو، لأنّ الدولة الآن مسؤولة، ولكن هذا لا يعني أنّ الأمور ستظل على هذا النحو دائمًا، يجب أن يدركوا ذلك. فإذا هناك تغيرات حدثت، فعلينا أن نغير في التكتيك والأسلوب. ماذا نقول للناس؟ نقول إنه الآن، ليس كلما شنّت إسرائيل ضربة سنرد، كما كنا نفعل سابقًا، لا، كانت هناك معادلة، هذه المعادلة لم تعد قائمة بهذا الشكل، سيكون هناك معادلات جديدة، وبالتأكيد المعادلات الجديدة لن نسمح بترسيخها بطريقة إسرائيلية، بل سنعمل على ترسيخ معادلة تحمي مستقبلنا، وتحمي بلدنا، وتؤدي إلى خطوات نحو التحرير. من بين هذه المعادلات التي نعمل عليها الآن، إعطاء الدولة الفرصة الكاملة للعمل السياسي، حتى نثبت لكل العالم أنّ هذه إسرائيل لا تخرج إلا بالضرب، ولا تفهم إلا بالسلاح".
أضاف: "كل ما أريد قوله للناس: تمهّلوا قليلًا، اصبروا علينا. عادة في الحروب، يكون هناك استراحة. الآن، استريحوا، اطمئنوا أنّ قيادتكم ومقاومتكم وهؤلاء الشباب الأسطوريون الذين وقفوا في المواجهة، هؤلاء موجودون، هؤلاء لديهم عقول تزن بلدًا، ولديهم إيمان يحطم الطواغيت. عندما يكون لدي عقل وإيمان، فهذا يعني أنه يجب أن أتصرف التصرف المناسب في الوقت المناسب. وسأقول لك شيئًا، نحن والمقاومة وأيضًا الناس، أشد بطولة وعزيمة من الوقت الذي كُنّا نقاتل فيه، لماذا؟ نعم، الآن نحن أشد قوة، لماذا؟ يقولون في الدراسات النفسية والترتيبات التي يقارنوا فيها بين القتال والصبر، من يتمكن من الصبر في اللحظة المناسبة هو أقوى ممن يقاتل في اللحظة غير المناسبة. لا يظن أحد أنّ هذا الصبر هزيمة، لا، لا، هذا صبر أخذناه بقرار، إمكاناتنا عندنا، شعبنا معنا، اتجاهنا موجود، ثوابتنا مستمرة، حضورنا قائم. لكننا نعتبر أنّ هذا التوقيت علينا أن نصبر فيه قليلًا، لنرى أين سيصل الاتفاق. فإذًا، إذا كان انطباع الآخرين عنا أننا موضوعيون وواقعيون، فهذه نعمة، الحمد لله. تقييم جيد، فنحن لسنا سوى ذلك، حزب الله دائمًا واقعي وموضوعي، لأنه يتصرف وفق الموازين، ولا يتصرف بطريقة عشوائية".
ولفت قاسم إلى أن موضوع الطيران الإيراني "يتم متابعته حاليًا، إن شاء الله نصل إلى نتيجة. أنا لا أتوقف عند كل تفصيل على حدة، أنا أقول أنّ هناك هجمة عامة علينا، يحاولون التضييق علينا، إلى درجة أنه جاءت المندوبة الأميركية لتقول: "يُمنع دخول حزب الله إلى الحكومة"، ودخلنا. قالت: "يُمنع أن يكون هناك ممثلون للحزب"، الموجودون في الحكومة يمثلوننا، وماذا بعد؟ هذه مواجهة، كل نقطة لها طريقة في عملية المواجهة. هل هناك حصار علينا؟ نعم، هناك مواجهة لنا ستكون صعبة، نعم، ولكن نحن علينا أن نبحث عن الطرق التي نتمكن من خلالها من تحقيق النصر وتجاوز بعض المصاعب، في مواضع معينة قد نصبر فيها، في مواضع معينة قد ننتقل إلى مكان آخر. إذا افترضنا أنه حصل تطبيع بين الكيان الإسرائيلي ودولة من هذه الدول، هل يعني ذلك أننا معنيون؟ لا، نحن ليس لنا علاقة بهذا الموضوع. نعم، هذا جزء من التضييق غير المباشر علينا، ولكن ليعلم دعاة التطبيع أنهم سيدفعون أثمانًا لا أول لها ولا آخر، من قبل الإسرائيليين والأميركيين. الأميركيون، كلما أعطيتهم شيئًا، طلبوا المزيد. تقول له أربعمائة، يقول لك مليار، تقول له مليار يقول لك مئة مليار، تقول له أربعمائة مليار، يقول لك تريليون. إنهم يحاولون ابتلاع الأرض كلها، لكن هل يستطيعون؟ لا، لا يستطيعون، طالما أنّ هناك أناس مثل المقاومة في لبنان، وفي فلسطين، وفي اليمن، وفي العراق، وفي إيران، وفي المنطقة، طالما هناك شعوبًا حيّة في مختلف أنحاء العالم، سواء في العالم العربي أو الإسلامي، أو على مستوى العالم. هذه قادرة على زرع شيء، فبالتالي تقدر على مواجهة هذه التحديات. أنا لست خائفًا من التحديات".
وبالنسبة إلى العلاقة مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، رأى قاسم أنها "لا يزال من المبكر حتى تتبلور، لنرى قبل ذلك السلوكيات. لكن، مع رئيس الجمهورية، هناك حرارة معينة، حرارة إيجابية. أما مع رئيس الحكومة، لم يستقر وضعه بعد، علينا الانتظار لنرى إلى أين سيستقر، لكننا حريصون على التعاون معه، وأصل وجودنا في الحكومة ومنح الثقة، يعني مدّينا اليد الإيجابية. نريد أن نبني بلدنا بشكل مشترك، نريد أن يكون قويًا، نريد أن نعيد إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي، نريد حل مشكلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، استقامة القضاء، إعادة أموال المودعين، مواجهة الفساد. هذه كلها عناوين نريد أن نعمل عليها. وأنا اقترحت اقتراح منذ فترة، أنه من الأفضل وضع آلية لانتخاب المدراء العامين عبر مباراة ليشعر الناس بمساواة".
وحول التعيينات قال: "دعونا نرى ما هي الآلية التي سيتم اتباعها في التعيينات، وسنحكم على هذا الأساس ونتابع بناءً عليه. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة تريد التدخل في جميع التعيينات، وستبذل كل المحاولات، استبعاد أو التدخل في اتجاهات أخرى، لا تظنوا أن الأمريكيين يثقون بالآخرين، لا، هم يريدون وضع أشخاص يمونون عليهم مباشرة. فلنرَ ما سيحدث، كيف يمكننا التصدي لهذا التدخل والوصاية الأمريكية التي يبدو أنها مقبولة لدى العديد من الجهات الأخرى. على كل حال، عندما يُطرح علينا شيء نحن نعلق عليه. نحن جزء لا يتجزأ من هذا البلد، هل نحن قلّة؟! أولًا، نحن وحركة أمل لدينا ثلاثون نائبًا، أي ما يعادل ربع المجلس النيابي، فهل يُعقل أن يكون لدينا هذا العدد من النواب وهذا التمثيل وهذا الحضور وخمسة وزراء وطائفة متماسكة بشكل غير عادي، بالإضافة إلى حلفاء لم نحسبهم بعد، سواء من النواب أو من القاعدة الشعبية. هناك أمر لفتني أول أمس، حيث نشرت الدولية للمعلومات، الأستاذ جواد عدرا، وضع فكرة بسيطة يقول فيها: هل لاحظتم أنّ النائب الحاج محمد رعد حصل في الانتخابات النيابية الأخيرة على سبعة وأربعين ألفًا ومئة وتسعة وثمانين صوتًا بمفرده، إذا جمعنا أصوات ثلاثة وعشرين نائبًا في المجلس النيابي، من أخذ 500 صوت و 200 صوت و1000 وإلى آخره، سنجد أن مجموع الأصوات التي حصل عليها النائب محمد رعد وحده تساوي أصوات 23 نائبًا في المجلس. كما ذكر أيضًا، أنّ الثنائي الشيعي حصل على 45% من الأصوات التفضيلية لجميع نواب المجلس. لأنّ النظام الطائفي والتوزيع الطائفي فمن الطبيعي أن تبقى هذه الأصوات محصورة ضمن الطائفة الشيعية أو قريبة منها. ما أريد قوله هو أنّنا بالنهاية لدينا تمثيلنا الشعبي، نعمل داخل الدولة بناءً على هذا التمثيل الشعبي، وليس بفضل أي جهة أخرى. وليس لها علاقة بكوننا مقاومة، وليس لها علاقة بأن هناك من يوزع الأدوار وأعطانا دورًا، لا، نحن موجودون في السلطة السياسية والسلطة الشعبية ومجلس النواب والحكومة وننتخب وندخل على انتخابات نيابية بتمثيلنا الشعبي الذي هو قوي ومستمر وموجود، ونحن لا ننافس به الآخرين، بل نقول لهم: انظروا، نحن عندنا أناس نمثلهم وبالتالي الذي يريد أن يقول أنا أمثل وأنا كذا فليقل لي كم شخص يمثّل حتى نعرف كم الوزن الذي يتحدث به، لا يمكنه الحديث باسم الشعب اللبناني".
واعتبر الشيخ قاسم أن "تيار المستقبل هو من التيارات التي يتوفر الكثير من عوامل الاتفاق معه، خاصة أن الرئيس سعد الحريري عقله منفتح، وهو يرغب دائمًا أن يضع الأسس التي تمنع الفتنة السنية الشيعية، يعني الرجل صادق بهذا الموضوع. لنا تجربة معه ولنا تجربة مع والده رحمة الله عليه، وبالتالي نحن نتمنى أن يتوفقوا وأن يكون لهم حيثيتهم بداخل البلد، لأنّه من الجهات التي فيها قابلية أن نتعاون معهم. لا أحد له حق في لبنان أن يقول أنا أقبل فلان ولا أقبل فلان، لا أحد له حق أن يقول هذا يجب أن يمثل أو لا يجب أن يمثل. لا أحد له حق، الذي له حق أن يقول أنّه يمثل أو لا يمثل هو الخيار الشعبي، الشعب قال أنه يريد ممثلين من تيار المستقبل، معنى ذلك أن هذا خيار الناس، نحن يجب أن نتعامل مع خيار الناس، لا أنه يأتي تنصيب خارجي أو أوامر خارجية، لا. فمن هنا أريد أن أقول أنّ معيارنا بالعلاقات معيار أنّ الناس من تريد ومن هي القوى التي عندها تمثيلها وعندها قدرة أن تأخذ وتعطي وتبني علاقة. نحن حريصون على الوحدة الإسلامية، وحريصون على الوحدة الوطنية، البعض ممكن أن يخمن أننا نتحدث شعارات، انظروا التطبيق العملي، دائمًا دائمًا نهرب من الفتنة، نحن نحاول أن نضع كل العوامل التي تمد اليد. على كل حال، الآن نحن نعرض ونقول، نحن أمام حكم جديد وحكومة جديدة، نمد اليد للجميع حتى نتعاون ونؤسس شراكة وطنية، فلنخرج من المهاترات الصغيرة التي يذهب إليها البعض ونبحث عن تجربة عملية لنبني البلد مع بعضنا البعض ولنرى النتيجة ما هي".
وحول إعادة الإعمار قال الشيخ قاسم: "أنا أفهم أن من يعمل بهذه الطريقة، ممنوع، ممنوع، ممنوع حتى يمنع الإعمار، يعني ليس لديه قرار أن يقوم بالإصلاح والإنقاذ، لأنه بدون الإعمار لا يوجد إصلاح وإنقاذ. من دون إعمار لا يوجد إصلاح وإنقاذ، والذي يريد أن يفهم يفهم. مسؤولية الدولة أن تحمي مواطنيها، وأن تسير معهم، يجب أن يكون هناك إصلاح وإنقاذ في كل شيء. وبالتالي، أنا أعتقد أنه على كل شخص أن ينتبه لنفسه، هذه دولة نريد أن نبنيها معًا، نريد أن نعمرها معًا، ونريد أن نواجه الفساد معًا، ونريد أن نعيد أموال المودعين معًا، ونريد أن ننفذ الإصلاح والإنقاذ معًا، كله معًا. أما أن تأتي وتستهدف طائفة أو تستهدف جماعات موجودين في داخل البلد لأنهم عندهم انتماء إلى المقاومة، في الحقيقة هذا استهداف طائفي، استهداف لـحركة أمل ولحزب الله ولكل فرد موجود في هذا البلد، ولكل متعاطف، ولكل متضرر. أنا أعتبر أنه يجب على الحكومة أن تدرس بشكل دقيق كيفية تنفيذ إعادة الإعمار بمواكبة مع خطوات الإصلاح والإنقاذ بطريقة تستطيع أن تنهض بالبلد من جديد. نحن في سفينة واحدة، لا يمكن لأحد أن يقول عندي قطعة وينجّر بها كما يريد، لأنها ستغرق، تغرق إذا كل شخص نجّر مثل ما يريد تغرق. ثم لسنا نحن الذين ننعزل ونتحاصر".
وتابع: "الرئيس بري يعمل بعقلية وطنية، ليس فقط الأمر متعلق بالطائفة، بل متعلق بكل لبنان، لأنّ هذا الخطر جاء على كل لبنان، والضرر أصاب كل لبنان، ويجب معالجة كل لبنان، وإسرائيل هي عدوة للبنان، وليست عدوة لفئة معينة من اللبنانيين. هل يظنون أن إسرائيل تحترم أحدًا أو تقدّر أحدًا. هي تريد احتلال لبنان. نحن نعتبر أن عملية الإعمار يجب أن تسير بشكل صحيح، ونحن مستعدون للتعاون، وإن شاء الله تكون النتيجة أفضل مما كانت عليه في عام 2006. ومن أرجله ليست على الأرض يضعهم على الأرض". وأردف: "عندما نقول مقاومة، يعني حزب الله وحركة أمل، عندما نقول إعمار لبنان، يعني حزب الله وحركة أمل، عندما نقول انتخابات بلدية، يعني حزب الله وحركة أمل. أنا قلت في كلمتي أثناء التشييع، نحن كحزب الله وحركة أمل تحالفنا كحزب تخطى كل التحالفات المعروفة، نحن تحالفنا جذري، تحالفنا مرتبط بالبنية الإيمانية، ومرتبط بمصلحة الناس، ومرتبط بالأرض والعائلات، ومرتبط برغبتنا في بناء بلدنا وجعله قويًا ومعمّرًا وقادرًا".
ورأى أن "هناك ضربة تعرض لها محور المقاومة، صحيح، هناك تضحيات كبيرة دُفعت في فلسطين وفي لبنان، صحيح، لكن المقاومة مستمرة وموجودة. عادة نحن نتصور أن هناك مقاومة في الدنيا تبقى دائمًا في حالة تصاعدية، المقاومة هي في الأصل اضرب واهرب وأنها تحقق إنجازات ويحصل بعض الانتكاسات المعينة أو خسائر أو تضحيات، لكن العبر هي في الاستمرارية، نحن استمرينا أو لم نستمر؟ وموقف السيد الحوثي وإيران حقيقة موقف مشرف جدًا، موقف الحوثي وموقف الشعب اليمني أيضًا، لأنّ هذا الدفاع عن القضية الفلسطينية نموذج ومدرسة. وحقيقة يُحسب حسابه، أكيد هؤلاء الذين يعملون على الأرض، سواء الأمريكيون أو الإسرائيليون، أكيد يحسبون حسابًا لهذه المواقف وتؤثر على قراراتهم". واعتبر أنه "لا يزال من المبكر معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا. ما زال في حالة غليان، هناك أجواء غير مستقرة، هناك مشاكل لها علاقة بالانتماءات الطائفية والمذهبية، وأيضًا هناك مشاكل داخل نفس القوى الحاكمة، إضافة إلى وجود الأجانب بينهم. إذًا، نحن أمام مشهد لم يأخذ مكانه بعد، لذلك أنا لا أقول نجحت سوريا أو خربت سوريا، أقول أنه يجب الانتظار، نتمنى لسوريا الاستقرار، نتمنى أن يجدوا طريقة حتى تتفاهم القوى الموجودة في داخل سوريا حتى يؤسسوا لنظام يساعدهم لأن يكونوا سوريا القوية، نتمنى أن يستطيعوا أن يضعوا جدًا للتوسع والتمدد الإسرائيلي. مؤشرات التقسيم موجودة بقوة، لكن هل ستصل إلى نهايتها أم سيجدون حلولًا قبل، الأجانب وخاصة الأمريكيون والإسرائيليون ومن معهم هم مع فكرة تقسيم سوريا، لكن طبعًا من مصلحة الشعب السوري ألا يتقسم".
ونفى أي علاقة لـ"حزب الله" بـ "البيانات التي تصدر باسم المقاومة الإسلامية في سوريا، نحن الآن ليس لنا تدخل في سوريا"، دون أن يستبعد "أن تنشأ في سوريا مقاومة ضد العدو الإسرائيلي، لأنّ الشعب السوري بالأصل شعب عروبي، إسلامي، وطني، تربى على كره إسرائيل ولا يقبل الاحتلال، ودائمًا كان معروفًا أنّ الشعب السوري هو السند الأساسي للقضية الفلسطينية، فهذا إلى أين سيذهب؟ الآن، كونه في ظروف صعبة، فأنا أعتقد أنه سيحدث شيء، لكن ما الذي سيحدث؟ بالنهاية، هذه مسؤولية السوريين".
المصدر : الوكالة الوطنية للإعلام +قناة المنار