28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

بركان الإنقلابات يهزّ النفوذ الفرنسي في أفريقيا / جريدة الأيام الإلكترونية

بركان الإنقلابات يهزّ النفوذ الفرنسي في أفريقيا / جريدة الأيام الإلكترونية تتواصل الإنقلابات العسكرية في أفريقيا والتي يبدو أنها لن تهدأ في القريب العاجل، وتكشف عن غضب متصاعد لدى شعوب المنطقة ورغبة عميقة في التغيير بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة. فبعد انقلاب النيجر، جاء الإعلان عن استيلاء عسكريين على الحكم في الغابون التي تقع في غرب وسط إفريقيا.
وكما حصل في النيجر، تتداخل معطيات داخلية وخارجية لتفرز هذا المشهد الجديد في القارة السمراء، في سياق ظاهرة عودة الحكم العسكري في عدد من الدول، وتحديداً في الحزام الخاضع للنفوذ الفرنسي والذي يمتد من النيجر ومالي وتشاد الى بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وتتشابه أيضاً هذه الدول في وضعها غير المستقر رغم احتوائها على ثروات باطنية هامة مثل النفط واليورانيوم والذهب، مما جعلها عبر التاريخ عرضة لأطماع الإستعمار الغربي والفرنسي تحديداً.
مراقبون للشأن الأفريقي اعتبروا أننا نشهد إرهاصات عصر جديد للقارة الافريقية قد تستغرق بضع سنوات، وسيختفي خلالها جميع الحكام العملاء لفرنسا وللغرب، وتبرز قيادات وطنية جديدة قادرة على استعادة الثروات المنهوبة والهويات المفقودة في هذه القارة، هذه التغيرات التي سببها ليس الإنقلابات العسكرية فحسب بل هناك تأييد جماهيري واسع لها على خلفية رفض الإستغلال الإستعماري الذي أفقر تلك الدول، سوف تكتسح اليابس من الحكام والعملاء، وتفسح الفضاء الأفريقي للملايين المحاصرين في دائرة الفقر والتبعية للغرب.
غضب وإستياء من السطوة الفرنسية
في الحقيقة إن تصاعد موجة الإنقلابات في افريقيا يعكس في عمقه أيضاً أزمة حكم تشهدها افريقيا بسبب سطوة الاستعمار الذي يحمل أشكالًا مختلفة سياسية واقتصادية وعسكرية وغيرها.
كانت فرنسا عنصراً حاسماً في رسم ملامح السلطة في الغابون منذ "الإستقلال" وحتى اليوم، وهي الداعمة الرئيسية للأسرة الحاكمة الحالية التي تحكم منذ 55 عاماً. ومنذ أن استقلت عن باريس عام 1960، حكم الغابون ثلاثة رؤساء هم ليون مبا عام 1961 المتهم بتطبيق نظام حكم "ديكتاتوري سعى لضمان المصالح الفرنسية"، وبعد وفاته عام 1967 حل مكانه عمر بونغو حتى وفاته عام 2009 ثم نجله الرئيس الحالي علي.
ويرى البعض أن الوضع المتردي في ظل حكم الرئيس الحالي بونغو زاد من غضب معارضيه خاصةً لدى الشرائح الشبابية التي تبحث عن طريق جديد للتخلص من الطبقة السياسية الفاسدة والمرتبطة بولاءات خارجية وخاصة لفرنسا، فالغابون تخضع لحكم ديمقراطي "صوري" مع رئيس جاء بالوراثة الى الحكم، وربما هذا الفارق بينه وبين انقلاب النيجر.
ويعتقد مراقبون أن ما شجع على الأنقلاب في الغابون هو ما حصل في النيجر حيث لم يستطع الغرب ايقاف المجلس العسكري رغم تهديد "إيكواس" بالتدخل العسكري، وأن فرنسا لن تتدخل بشكل مباشر في الوضع في الغابون، كما لم تتورط عقب انقلاب النيجر.
والمعلوم أن مردود فرنسا من الدول الافريقية يقدّر بنحو 500 مليار دولار من خلال شركاتها العملاقة المتركزة في افريقيا، وتعتمد باريس على المواد الخام والمعادن كاليورانيوم والغاز والذهب من القارة السمراء.
لذلك فإن وضع فرنسا في أفريقيا على صفيح ساخن، وموقف فرنسا يزداد تأزماً، والمعطيات على أرض الواقع تؤكد تراجع النفوذ والقوة الفرنسية.
والمفارقة أن دول الساحل الأفريقي تحتوي على ثروات معدنية هامة كالذهب واليورانيوم والفوسفات، فضلا عن الثروات النفطية الهامة ولكنها تعد من أفقر دول العالم، وهو ما أشعل غضب شعوب المنطقة من الإحتكار الفرنسي لمقدراتها، لا سيما في الغابون عملاق النفط الأفريقي.
التداعيات
أما عن تأثيرات الإنقلابات على مستقبل الأنظمة السياسية في افريقيا، فيقول الباحث السوداني المتخصص في الشؤون الافريقية معز حضرة:"بغض النظر عن المسببات لهذه الانقلابات سواء الداخلية او الخارجية، إلا أنها ستؤدي حتماَ إلى رسم مشهد جديد يبدو أن فرنسا ستكون الخاسر الأكبر فيه في اطار خارطة جيوسياسية جديدة، في القارة السمراء".
ويبدو أن التغيير في أفريقيا آتٍ وبات واقعاً في هذه القارة، ولئن راهن البعض على الإنقلابات العسكرية إلا ان البعض الآخر يراهن على التغيير السياسي والإقتصادي من خلال التخلص من الهيمنة الغربية، عبر بناء شراكات جديدة مع الصين وروسيا في إطار تحالفات جديدة مبني على التعددية  والمصالح المشتركة بدلاً عن الأحادية والإحتكار السياسي للقوى الكبرى ولا سيما فرنسا.
المصدر:العهد + روسيا اليوم + رأي اليوم
تحرير جريدة الأيام الإلكترونية