ما لا تعرفونه عن الفنان التشكيلي الفلسطيني إبراهيم هزيمة/ جريدة الأيام الإلكترونية
ولد الفنان إبراهيم هزيمة في مدينة عكا العام 1933. لجأ مع أسرته بعد نكبة فلسطين في العام 1948 إلى الجمهورية العربية السورية واستقر في مدينة اللاذقية، لتبدأ رحلة المعاناة والكد والعمل من أجل مواجهة الظروف الحياتية الصعبة من جراء التهجير والتشريد، والإقتلاع من الأرض.
برزت موهبة الفنان ابراهيم هزيمة كموهبة فنية فطرية ظهرت ملامحها في سن الخامسة من العمر، وذلك عند رؤيته لرسامة أوروبية جالسة في المقهى الذي يعمل به والده، فوقف أمامها لساعات ينظر ويتأمل ويتابع ويدقق ما تقوم به هذه الفنانة. ثم تطورت موهبته في المرحلة الدراسية على يد الأستاذ عبد الرحمن قباني الذي شجعه وساعده في تهذيب أدواته الفنية ونضوج حسه الفني بشكل موجه ومنظم.
في العام 1951 انضم الفنان ابراهيم هزيمة إلى النادي الموسيقي الفني في مدينة اللاذقية، حيث تمكّن من المشاركة في النشاطات والأعمال الفنية في النادي. وحصل في العام 1952 على جائزة النادي الموسيقي التي تسلمها من قبل الفنان اللبناني الكبير مصطفى فروخ، حيث دهش من اللوحات الفنية التي يرسمها هزيمه خاصة ابداعه في استخدام الألوان المائية، وقام بتشجيعه للاستمرار قدماً في العمل الفني والإبداع لتطوير قدرته التقنية وصقل موهبته الفنية. عمل أيضاً كمدرس للرسم في مدرسة الثانوية الأرثوذكسية ومدرسة راهبات العائلة المقدسة، واستطاع خلال فترة عمله هذه من تمكين الطلبة من استخدام الرسم كوسيلة تعليمية خاصة في مجال البيولوجيا ورسم أعضاء الإنسان، هذا إضافة للرسم كموهبة فنية وإبداعية.
*في العام 1957 حصل على جائزة معرض الخريف الذي أقيم في متحف دمشق للآثار، كما حصل على جائزة صالون القاهرة "حدث فني يعقد سنوياً" إذ شارك بلوحة زيتية وسبعة أعمال مائية.
*في العام 1960 مكنته موهبته الفذة والمبدعة من الحصول على بعثة دراسية لاستكمال دراسته الأكاديمية الفنية في ألمانيا بمدينة لايبزيغHGB ، حيث درس فنون التصوير في أكاديمية الفنون الجميلة لدى البروفيسور برنهارد هايزش، ومن اللحظة الأولى شعر بوجود إنسجام أولي بينه وبين البروفيسور هايزش، كما شعر بوجود تجاوب إنساني وروحي للمواضيع التي يرسمها، ولقي تفهماً عميقاً ساعد في صقل موهبته وتطور عمله الفني أثناء فترة دراسته. تخرج بتفوق في العام 1963 وعمل كمعيد في معهده لمدة خمس سنوات، وقام بعملية هضم واستيعاب للفن الأوروبي، من خلال دراسات واسعة وعميقة محورها الفنانين المشهورين في أوروبا، الأمر الذي ساعده في تكوين أسلوبه وخطه الفني الخاص والمتميز.
*في الفترة الواقعة ما بين 1968 - 1974 انتقل للعمل في برلين الشرقية في إذاعة برلين العالمية كمسؤول لبرنامج الصداقة الألمانية العربية وبرنامج الفن والأدب.
عمل هزيمة في مؤسسة الصليب الأحمر/قسم المعاقين في برلين خلال الفترة ما بين 1974 – 1991، حيث ساعد حسه الفني والإنساني في رسم وجوه المرضى النفسيين لتسهيل مهام الأطباء في تشخيص حالات المرضى بدقة، وبنفس الوقت قام بتدريب هؤلاء المرضى على الرسم وإظهار حسهم الفني والتعبير عن أنفسهم ومعاناتهم وآلامهم.
في العام 1979 انتخب عضواً في الأمانة العامة لإتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين وأصبح مسؤول العلاقات الخارجية فيه.
هذا وقد أقام الفنان إبراهيم هزيمة العديد من المعارض في ألمانيا وأوروبا وتونس وسوريا ومصر والكويت وموسكو، بالإضافة لدول أخرى، وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة الشراع الذهبي في المعرض الكويتي العاشر للفن التشكيلي العربي في العام 1987. وفي العام 1988 انتخب هزيمة رئيساً للجنة الوطنية التشكيلية الفلسطينية في اليونسكو.
احتلت المدن والقرى الفلسطينية وعلى الأخص مدينة القدس وعكا وطمره وكفر ياسيف وغزه ورام الله وغيرهما مكانة ملموسة في ذاكرة الرسام العالمي ابراهيم هزيمة الشخصية حيث شكلت هذه المدن قاعدة فنية تعبيرية زخمة تعبر عن صموده وانتمائه الوطني لفلسطين وأرضها الطيبة. لقد مثلت البيوت الريفية عمقاً كبيراً في أعمال هزيمة فكانت بمثابة بصيص أمل لإنفعالاته الحسية والعاطفية والإنفعالية التي تصنع من الشجر والنسوة حاملات الأطباق بمثابة ولائم بصرية لمكونات الحالة والموقف التشكيلي. وبالنسبة للمرأة فقد تجسدت بعمق في أعماله الفنية فهي تشكل الأم والعطاء والصبر والمحبة والإرتباط بالجذور، فهذه الصفات تجسد الملامح الجمالية والمعنوية التي تتحلى بها المرأة الفلسطينية.
شارك الفنان إبراهيم هزيمة في إخراج ديوان الشاعر الفلسطيني الكبير المبدع محمود درويش " على هذه الأرض ما يستحق الحياة" بصورة مبدعة خلاقة ذات حرفية فائقة ورسومات تجسد نفس المعنى، مما يؤكد أن الفن وسيلة تعبيرية وحسية ووجدانية هامة.
يقول الرسام والفنان ابراهيم هزيمه عن عمله الفني: مواضيع أعمالي الفنية تصور ترجمة لونية لمشاعري وأحاسيسي الدفينة الحية للحياة في فلسطين الحبيبة، بإيقاعات واضحة متكررة، عناصرها الإنسان، والأرض، والبيت، والشجرة، والضوء. ويلحظ المشاهد عودة وترديد العناصر والمواضيع التشكيلية، ولكن بإيقاعات حسية داخلية متجددة، وهذا ما يذكرنا بالترديد والإعادة في الموسيقى العربية، والبناء العربي والأرابيسك الذي ترك للحضارة العالمية إرثاً وتأثيراً كبيرين. والجدير بالذكر أن الإنسان الفلسطيني يحتل مكان الصدارة في عملي الفني، أحلامه، ورغباته، وتشوقه إلى الحرية والعيش بأمان وسلام في أرضه الحبيبة فلسطين. الإنسان في لوحاتي يقف بثبات كشجرة راسخة الجذر في الأرض وجذعها متعالياً بأغصان في السماء. ويمكنني القول إن من يشاهد أعمالي يطل على روحي وحبي لوطني وأهلي.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد منح الفنان التشكيلي الفلسطيني إبراهيم هزيمة، وسام الثقافة والعلوم والفنون "مستوى الإبداع"، تقديرا لعطائه الإبداعي في مجال الفنون التشكيلية كفنان رائد عبر في لوحاته التي امتازت بالرقة الشاعرية والأصالة، عن ارتباط الفلسطيني بأرضه وتراثه، وتقديرا لدوره بتعزيز التواصل الفني الفلسطيني مع الوسط الثقافي العالمي.
وسلمت آنذاك (أول آذار 2016) سفيرة فلسطين لدى ألمانيا خلود دعيبس، نيابة عن محمود عباس الوسام إلى الفنان إبراهيم هزيمة، في مقر سفارة فلسطين بالعاصمة برلين، بحضور زوجته، ومستشار أول عبد الهادي أبو شرخ، وعدد من كادر السفارة.
ابراهيم هزيمة مقيم حاليا ومنذ سنوات طويلة وعائلته في ألمانيا التي منحته جنسيتها
المصدر : "دنيا الوطن"- "جريدة الأيام الإلكترونية" - "فلسطيننا"
- علامات:
- مجتمع