عبد الغني طليس.. تينةُ أُمّ وضّاح /جريدة الأيام الإلكترونية
.. وتِينةُ أُمِّ وَضّاحٍ قديمَةْ/ أمامَ البيتِ في فَرَحٍ مُقيمَةْ
فلا الأيامُ حَدّتْ مِن جَناها/ ولا التاريخُ أفقَدَها العزيمَةْ
لها عشرونَ غُصْناً أرْيَحِيّاً/ فكُوْزٌ واحدٌ منها... غَنيمَةْ
ونَحسَبُ فَجوَةً في الجِذْعِ نَقصاً/ ونحكُمُ أنّها آمرأةٌ سقيمَةْ
وعند الصيفِ تُدهِشُنا فتبدو/ بأكثر مِنْ سلامَتِنا سليمَةْ
على كَتِفِ «المُحَيْرِيْقِ» اسْتَراحتْ/ كنَخْوَةِ فارسٍ... عالي الشّكِيْمَةْ
وفي أُرْجوحَتَيها النومُ يحْظى/ بأَنْسامٍ... وأحلامٍ حَميمَةْ
وهَذي أُمُّ وَضّاحٍ بلُطفٍ/ تُمازِحُها، وتَحْنو... كالنّديمَةْ
تَرُدُّ تحيّةً تُلْقَى علَيها/ بِقَطْفِ الوردِ ترشُقُهُ..ضَمِيمَةْ
وتنتظرُ الظهيرَةَ باشْتِياقٍ/ لتَفرِشَ تحتها خبزَ الوليمَةْ
وجاراتٍ إذا يقعُدْنَ وقتاً/ بِنَفْحَةِ أُنْسِها... تَحلو النّميمَةْ
فتِينَةُ أُمِّ وضّاحٍ تُراثٌ/ و«بنْتُ جُبَيْلَ» بالماضي عليمَةْ...
■ ■ ■
وبعدَ سقوطِ ذاكَ البيتِ قَصْفَاً/ مِنِ اسرائيلَ... بالحِمَمِ الرّجيمَةْ
تَهاوَتْ أُمُّ وضّاحٍ... ولكنْ/ كأنّ اللهَ بَلَّغَها تَمِيمَةْ…
فَقامَ البيتُ يصدَحُ مِنْ جديدٍ/ وتلكَ التّينَةُ احْتَفَلَتْ... بِدِيْمَةْ
ويوماً... أُمُّ وضّاحٍ أعَدَّتْ/ لِتقلَعَها... فقلتُ: هُنا الجريمَةْ
فقالت: كنتُ أعشَقُها عروساً ولستُ أُحبُّها... حَيْرَى... كَلِيمَةْ
فمَشْهدُها يُغيظُ… كأنّ فَوضى/ تَدُبُّ بها... وتتركُها عَديمَةْ
وإنّ الحربَ نالَتْها بنِصْفٍ/ فقلتُ: لنِصْفِها في الروحِ قيمَةْ
فأبْقَتْها كرَامةَ عينِ قلبي/ كمَنْ يُبْقي الجَنينَ على المَشِيمَةْ
وها هيَ تِينةُ الإكرامِ ظَلّتْ/ تواكِبُنا... بِخُضْرَتِها الوسيمَةْ
كَشَيْخٍ حَطّ في المئتينِ عُمراً/ وكَبَّ وراءَهُ الذِّكَرَ الأليمَةْ…
ولكنْ أُمُّ وضّاحٍ أسَرَّتْ/ لها مِنْ قلبِ عُزْلَتِها الحكيمَةْ
بِأنّ الموتَ آخِذُني قريباً/ فلا تَخشَي غيابي يا يتيمَةْ...
وراحتْ أُمُّ وضّاحٍ …وخَلّتْ/ أمام البيتِ ضِحْكَتَها الكريمَةْ
مضى دَهرٌ فَلَمْ نُهزَمْ... وصِدْقاً/ عرَفنا يومَ رحلتِها الهزيمَةْ!
عبد الغني طليس. شاعر لبناني، وإعلامي
*القصيدة نشرتها اليوم جريدة الأخبار اللبنانية
- علامات:
- مجتمع