28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

لبنان "ورقة" مقايضة سعودية على "طاولة" المفاوضات مع إيران

لبنان "ورقة" مقايضة سعودية على "طاولة" المفاوضات مع إيران استنفار الدولة اللبنانية لوقف عمليات تهريب المخدرات الى دول الخليج "حركة بلا بركة"، لانه وفي حال ‏صدقت النوايا وقامت الاجهزة المهترئة بدورها، فالمهة صعبة في مواجهة عصابات دولية تملك قدرات ‏هائلة تعجز عن مواجهتها دول كبرى متقدمة. ولذلك وعلى الرغم من رائحة "العفنة" الموجودة في كافة ‏مفاصل الدولة اللبنانية وعدم كفاءة مسؤوليها المتورطين بالفساد، وآخر الادلة على ذلك "اهمال" تركيب ‏اجهزة "السكانر" التي اقرت حكوميا في شهر تموز العام 2000 والتي ترتقي الى مرتبة الفضيحة، فان ‏كل من اجتمع في بعبدا بالامس يدرك على الرغم من "محاباة" المملكة العربية السعودية، بان قرار ‏الرياض سياسي-اقتصادي وليس امنيا، ويندرج في اطار تضييق الخناق على لبنان الذي تحول منذ ‏اسبوعين الى "ورقة" تفاوضية على "طاولة" المحادثات مع طهران، وبحسب مصادر دبلوماسية، ما ‏حصل نقطة تحول خطيرة لان رد الفعل السعودي على تهريب "الكبتاغون" كان مبالغا فيه، ولا يتساوى ‏مع حجم الجريمة، والعقاب بحق الاقتصاد اللبناني، يندرج في سياق قرار واضح لدى القيادة السعودية ‏بمقايضة الملف اللبناني "بورقة" اليمن مع طهران،وهو "ربط نزاع" كان سبق للايرانيين ورفضوه ‏خلال اللقاء الاخير الذي عقد في بغداد في التاسع من الشهر الجاري، وتحاول الرياض استدراج طهران ‏الى القبول بهذه المقايضة.‏ ‏ رفع "سقف" التفاوض ‏
وانطلاقا من هذه المعطيات، الخطوة السعودية الاخيرة جاءت في سياق رفع سقف التفاوض مع الايرانيين ‏خصوصا ان الوضع الميداني في مأرب اليمنية خطير للغاية ويتجه الحوثيون الى حسم المعركة هناك، وقد ‏جرى تزخيم العمليات العسكرية بعيد اللقاء الاول بين الجانبين، وبات الحوثيون على بعد أقل من 6 كلم ‏من وسط المدينة. ولهذا وجد السعوديون ضالتهم بالتصعيد على الجبهة اللبنانية واستغلوا عملية تهريب ‏المخدرات لتوجيه "رسالة" تحذير للايرانيين لاجبارهم على تهدئة الامور في اليمن مقابل تخفيف الضغط ‏عن لبنان، وكان لافتا في هذا السياق تتابع المواقف الخليجية المؤيدة للخطوة السعودية، وفي ذلك تهديد ‏مبطن ومنسق مع الرياض بتوسيع مروحة الضغوط لتشمل الدول الخليجية الاخرى في ظل تلويح مستمر ‏بالمس بالجاليات اللبنانية العاملة في دول الخليج!‏
اربعة ملفات على "الطاولة"؟
ووفقا للمعلومات، تناولت الجولة الاولى للمفاوضات بين الجانبين أربع قضايا رئيسية، الأولى ملف اليمن، ‏حيث طالب السعوديون وقف تصعيد "انصار الله" ووقف التقدم على جبهة مأرب، والثاني الملف اللبناني، ‏وقد طالب الايرانيون وقف الحصار الاقتصادي الخانق على البلد المهدد بالانهيار، اما الملف الثالث ‏فمرتبط بالاتفاق النووي الإيراني ومفاوضات فيينا، حيث يسعى السعوديون للدخول طرفا في عملية ‏التفاوض وتوسيع مروحتها لتشمل الصواريخ الباليستية، والنفوذ الايراني في المنطقة، وقد تمسك ‏الايرانيون برفض ادخال اي طرف جديد او قضية جديدة في عملية التفاوض النووي، وهنا ياتي ضمنا ‏الملف الرابع المرتبط بأمن مياه الخليج، وهنا يرغب الايرانيون بان تكون التفاهمات بين دول المنطقة ‏بعيدا عن تدخل الولايات المتحدة الاميركية.‏
الرياض: لا نملك حلفاء في بيروت
وازاء ذلك، ستكون الخطوات السعودية المقبلة، سواء بالتصعيد او بالعودة خطوة الى الوراء مرتبطة ‏بمدى التقدم او التراجع في عملية التفاوض مع طهران المرتبطة حكما بمسار آخر يحصل في فيينا، وما لم ‏يحصل فصل عملي وجدي للملفات في الاجتماع الثاني المقرر عقده قبل عيد الفطر، ستكون المرحلة ‏المقبلة صعبة للغاية على الساحة اللبنانية التي يستخدمها السعوديون "صندوق بريد" للضغط على طهران ‏لتحسين شروطهم التفاوضية، وهم ليس لديهم ما يخسروه في بيروت، فهذه الساحة لم تعد تعنيهم بشيء، ‏وبحسب اوساط دبلوماسية مطلعة، كل من تحدث معهم سواء من الفرنسيين او المصريين اوحتى ‏العراقيين، كان الجواب السعودي سلبيا وحاسما، "لا نملك حلفاء في لبنان، ولسنا معنيين بشيء هناك"، ‏هم يقولون صراحة ان الساحة اللبنانية منطقة نفوذ ايرانية يديرها حزب الله، وسقوط "الهيكل" على ‏الجميع، مكسب اضافي طالما سيؤدي الى اضعاف الحزب ويزيده ارباكا. ولهذا فالاحتمالات مفتوحة على ‏كل السيناريوهات، الرياض بعثت "برسالتها" عبر بيروت وتهدد بالمزيد، وتنتظر الاجوبة الايرانية، وبناء ‏على ما ستحصل عليه يمكن ان تجنح الامور نحو تهدئة مرحلية بانتظار اكتمال التسوية النهائية، فيعود ‏السعوديون عن قراراتهم القاسية ضد لبنان، او تذهب الامور الى مزيد من التصعيد، بانتظار جلسة الحوار ‏الثانية التي بات انعقادها مشكوكا فيها بفعل التطورات اليمنية واللبنانية، اما في حال عقدت فستكون ‏نتائجها مفصلية لتحديد التوجهات في علاقة كل من طهران والرياض، وكذلك الازمات الساخنة في ‏المنطقة وفي مقدمتها الملفان اليمني واللبناني.‏
‏ فرص التسوية؟ ‏
ووفقا لتلك المصادر،تلوح في الافق فرصة جدية للوصول الى تسوية في مكان ما،قد تستفيد منها سوريا ‏ايضا، فالطرفان بحاجة الى اعادة المنطقة الى سكة الاستقرار بعدما بات الخراب يهدد امن الجميع وعلى ‏كافة المستويات، طهران التي تخوض مفاوضات شاقة مع الاميركيين في فيينا تشعر ان الاتفاق بات "قاب ‏قوسين او ادنى"، وهذه "ورقة" رابحة في يدها على "طاولة" التفاوض مع الرياض التي باتت مقتنعة ‏بضرورة اقفال ملف حرب اليمن الذي بات يستنزفها دون اي بصيص امل بربح المعركة عسكريا او ‏سياسيا، بعدما تخلت ادارة بايدن عن دعمها، بل تضغط عليها لوقف الحرب، وهنا تحاول المملكة استخدام ‏الملف اللبناني لتحسين شروطها على الجبهات الاخرى وتامل بالحصول على تنازلات ايرانية لتصبح ‏المعادلة "التهدئة" في اليمن، مقابل إيجاد طريقة لتسوية الازمة اللبنانية.‏
‏ جهود عراقية ‏
وفي هذا السياق، يعمل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جاهدا على خط استكمال جلسات ‏الحوار الايرانية السعودية، وقد اثير هذا الملف خلال زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى ‏بغداد، وعلم في هذا الاطار ان وفدا إيرانيا كان في بغداد قبل وصول رئيس الدبلوماسية الايرانية لتقييم ‏الموقف وتولى الجانب العراقي عملية تبادل الرسائل مع الجانب السعودي، وقد وسع العراقيون مروحة ‏اتصالاتهم لتشمل مصر والامارات التي قطعت اتصالاتها الامنية شوطا كبيرا مع الايرانيين.‏
اسرائيل: بن سلمان يحمي نفسه
طبعا اسرائيل ليست بعيدة عن هذه التطورات وتتابعها بقلق، وهي تدرك ان ما يحصل في محيطها ‏تحولات استراتيجية وهي تسعى للتدخل حيثما يمكنها ذلك لتخريب اي تسويات لا تكون متوافقة مع ‏مصالحها، لكن يبدو انها باتت "مقيدة" اكثر مع الادارة الاميركية الجديدة، وفي هذا السياق اكدت صحيفة ‏‏"يديعوت احرنوت" الاسرائيلية ان السعوديين الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع طهران في 2016، ‏بدأوا مؤخراً في مفاوضات سرية مع الإيرانيين، وبتشجيع من الولايات المتحدة ورات ان ولي العهد ‏السعودي بن سلمان، لا يملك الكثير من رفاهية "المناورة" بعدما وصل مستوى العداء تجاهه في ‏واشنطن الى الذروة، ولهذا يفعل ما يفعله الناس في المنطقة - يكيّف نفسه مع الواقع المتغير. هو يفترض ‏بأن العودة إلى الاتفاق النووي قريبة ولهذا يعمل على حماية نفسه. اما من عول على جبهة إسرائيلية - ‏عربية ضد إيران يخيب ظنه الآن.ويبقى السؤال براي "يديعوت" ما العمل في وضع يتوجه فيه حلفاؤنا ‏الجدد إلى هدنة مع الإيرانيين؟
‏ اسرائيل وحيدة في الميدان؟ ‏
الصحيفة الاسرائيلية تشير الى ان شبكة الامان الاميركية المعتادة تشهد اهتزازا، ومقولة الادارات ‏الاميركية السابقة بأن إسرائيل هي الابنة المفضلة، وأن الإيرانيين في رأس قائمة الأشرار."عصر ‏انتهى"،فالأميركيون عائدون إلى الاتفاق النووي مع الإيرانيين. هذا هو قرارهم الاستراتيجي، يمكن ‏لإسرائيل أن "تدق العصي" في دواليب التاريخ، ولكن ثمة شك، خصوصاً حين يكون الطرفان، ومعهما ‏كل القوى العظمى في العالم، يريدون الاتفاق.ومن هنا نعت الصحيفة الاسرائيلية زيارة القيادة الأمنية ‏الإسرائيلية الى واشنطن خلال ايام، وقالت ان رئيس الأركان، ورئيس الموساد، ورئيس هيئة الأمن ‏القومي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، سيسمعون من ادارة بايدن كلاما واضحا بانه لا ‏يمكن اجتياز "النهر ذاته مرتين"، واي احتجاج إسرائيلي نشط جداً على الاتفاق النووي من شأنه يوسع ‏الشرخ مع الولايات المتحدة، وستبقى إسرائيل وحدها.
المصدر :جريدة الديار