28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

صعود “حسان دياب” في لبنان شعبيه متنامية

صعود “حسان دياب” في لبنان شعبيه متنامية صعود “حسان دياب” في لبنان شعبيه متنامية على وقع الأزمات والعقبات كيف حول الأزمات لفرص لإثبات أداء حكومته وهل يدخل تاريخ لبنان المعاصر بعد أن وصف بالرئيس المؤقت لحكومة الضرورة.. أثاث منزل وزير الصحة يثير سخرية بعض النشطاء على مواقع التواصل ورد نجله يلقى تعاطفا شعبيا كبيرا.. هل هي بداية انطلاق لبنان النموذج في المنطقة؟
بيروت. رأي اليوم. كمال خلف:
في لبنان تحصد حكومة رئيس الوزراء” حسان دياب” إعجاب اللبنانيين في بلد دأب فيه الناس وخاصة في السنوات الأخيرة على توجيه الانتقادات اللاذعة للحكومة والحكم والطبقة السياسية. تتحدث المؤشرات عن زيادة ثقة اللبنانيين بالحكومة بسبب أدائها وتناغمها وبعدها عن الخلافات والصراعات السياسية والسجلات التي طغت على الحياة السياسية في لبنان. وبرغم الهجمات المتلاحقة على الحكومة ورئيسها من بعض الصحافة والإعلام والمعارضة والمتضررين في لبنان، إلا أن المؤشرات الشعبية وخاصة الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي تبدو بغير اتجاه.
حسان دياب القادم من خارج الطقم السياسي التقليدي و الأحزاب التي تشكل واجه سياسية للطوائف انهمك بالعمل الحكومي دون أي استعراضات إعلامية، فهو مقل بالكلام والتصريح ويبدو أنه غير مكترث بالحملات الاعلامية والسياسية ضده.
وجاءت أزمة مواجهة انتشار فيروس كورونا والذي كان مهددا لحكومته الوليدة و بوقت مبكر نظرا لجسامة الأزمة، إلا ان الحكومة حولت تلك الأزمة إلى فرصة لاظهار إمكانيات واداء الحكومة. ويبدو أنها حتى الآن نجحت في الاختبار.
فالحكومة الوليدة اتخذت قرارات سريعة بإغلاق المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية بوقت مبكر سبقت فيها الكثير من الدول في العالم، ويعود الفضل لتلك الاجراءات في الحد من انتشار الوباء، والأهم أن دياب توجه لدعم المشفى الحكومي مشفى “رفيق الحريري” وأعطاه الأولوية عن المشافي الخاصة. “طبعا هذا جديد في ثقافة الحوكمة اللبنانية” وهو ما ضمن عدم استغلال المواطنين ورعاية الدولة للمصابين والإشراف المباشر على الأعداد والحالات. وأخذت الحكومة قرارا بدعم الأسر الفقيرة وأصحاب المصالح المعطلة بصرف منحة 400 الف ليرة لبنانية. وكذلك دفعت للافراج عن الودائع في البنوك لصغار المودعين بعد حجز البنوك على الودائع بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار. وهو ما دفع خصوم رئيس الحكومة إلى الإشادة بهذه الإجراءات.
فالإجراءات والمتابعة اليومية من قبل أركان الحكومة وخاصة وزير الصحة” حمد حسن” الذي سطع نجمه خلال الأزمة كموظف يعمل لخدمة الناس وليس وزير “بريستيج ” أعطت انطباعا في لبنان أن ثمة حكومة فاعلة تدير البلاد. وفي معرض الحديث عن وزير الصحة فإن حدثا يبدو هامشية لكنه أثار الرأي العام اللبناني خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي يتعلق” بأثاث منزل ” الوزير حسن. فقد نشرت بعض حسابات مواقع التواصل الإجتماعي في لبنان سخرية من أثاث منزل الوزير الذي ظهر أثناء مؤتمر صحفي عقده في منزله، إذ ظهر الاثاث متواضعا، وانتشر كذلك بشكل كبير رد نجل وزير الصحة على السخرية إذ كتب في حسابه “الحمد الله تربينا عالإحترام والأخلاق وعزّة النفس” وأضاف “الكنبايات كتير مريحيني والحمد الله” وآثار هذا الرد تعاطفا كبيرا مع الوزير حسن في بلد اعتاد فيه الناس على فخامة قصور الوزراء والزعماء.
وفي خطوة صنفت في لبنان بانها شجاعة سحب رئيس الحكومة دياب بند التعيينات لنواب حاكم مصرف لبنان من جلسة مجلس الوزراء، رافضا منطق المحاصصة السياسية في التعيينات، وقدم حسب مصادر متابعة مشروعا جديدا للتعيينات يقلص فيه عدد نواب الحاكم من 4 إلى 2 مع إعادة النظر بالرواتب والمخصصات. خطوة لاقت ترحيبا في الشارع اللبناني وصدمة في الأوساط السياسية الحزبية. وهي خطوة تبشر بتغيير نهج اعتادت عليه الطبقة السياسية منذ اتفاق الطائف. ويبدو أن دياب يحاول أن يشكل علامة فارقة في التاريخ السياسي اللبناني وان لا يكون مجرد رئيس عابر أتت به الضرورة لشغل منصب بصفة مؤقتة، بل رئيس من قافلة كبار رجالات الدولة في تاريخ لبنان المعاصر. وهو يراهن على اجتراح ثقافة حوكمة مختلفة، لم يعيش اللبنانيون في كنفها زمنا طويلا بعد عصور من حكم ملوك الطوائف. ورغم غرق الحكومة في مواجهة الوباء إلا أن دياب أعلن أن الحكومة “أنجزت 57 بالمئة من خطتها للإصلاحات خلال أول 100 يوم، وأرسلتها إلى البرلمان للتصويت عليها. كما أن الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على خطة متكاملة تعالج الأزمات والمشكلات الاقتصادية والمالية”.
وفي كلمة أمام مجموعة الدعم الدولية، أشار دياب إلى أن انتشار فيروس كورونا “زاد من أزمة لبنان والتحديات التي نواجهها”. ولأنه “من غير المقبول أن نقف من دون مساعدة اللبنانيين على استعادة ما خسروه بعد هذه الأزمة الاقتصادية”، رأى دياب أن الحكومة ورئيس الجمهورية ميشال عون “قرّرا إجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاءً بوعد الشفافية وتعزيزاً للموقف التفاوضي”.
وجاءت أزمة عودة المغتربين التي هددت الحكومة لتحولها الحكومة من أزمة إلى فرصة جديدة لإثبات الذات عبر إجراءات العودة واستنفار كافة الوزارات لتطبيق قرار العودة، ولكن دون أي آثار على خطط مواجهة الوباء داخل لبنان، وعاين رئيس الحكومة في مطار “رفيق الحريري” الإجراءات اللوجستية والطبية لعودة المغتربين اللبنانيين بعد أن حل بشكل عملي وبصمت ازمة عودتهم واستطاع إخراج الملف كليا من السجال السياسي.
وإذ يقال عن حسان دياب بأنه يشغل موقع السنة بدون غطاء سني إلا أن هذه المقولة يبدو أنها بدأت بالتراجع شعبيا، لأن المؤشرات تقول ان شعبية الرجل تزداد في الوسط السني. ويثبت حسان دياب ربما مع الوقت أن لبنان ليس بحاجة إلى الزعامات بقدر حاجته إلى رجل دولة ومؤسسات. قد ينجح الرجل في تشكيل علامة فارقة رغم الصعوبات والعقبات الكبيرة ونجاحه لا يعني مجدا شخصيا له فقط، إنما هو بداية لانطلاق نهج لدولة تسعى أن تكون نموذجا في المنطقة وتملك كل الامكانات والكفاءات لذلك، فهل يسمح له ؟.
كمال خلف. بيروت
المصدر :رأي اليوم.