وأصبحت قاتلة. بقلم محمد القزاز، جريدة الاهرام
بقلم :محمد القزاز
.. وأصبحت قاتلة!
أنا لست خائفا من الموت، أنا خائف من الخوف. حياتنا أصبحت خالية من الحياة. لا نخاف الموت لأننا اختبرنا كل أنواع الموت. موت في الحرب، وموت في البحر. موت في الفقر، وموت في الطرقات. لكن أصعب الموت هو سؤال الرجال. المنظمات التى كانت تساعدنا اختفت، أصبحت خائفة على نفسها، بعد أن كانت تخاف علينا. أوروبا التى رسمتها في الخيال ليست أوروبا التي أعيش فيها الآن. وباء الكورونا ليس هو المتفشي فيها فقط، فوباء العنصرية والتمييز والشعوبية متفش بها منذ سنوات. هو الوباء الذي قتلنا مئات المرات، وجعلنا خائفين من العنف والكراهية كل يوم.
بعد وباء كورونا، أصبحت لا أستطيع الحصول على طعام، ولا أملك المال للحصول عليه. لا أجد مكانا يؤوينى، وإن وجدته يكون كحاويات القمامة. أصبحت مطاردا وموبوءا. قبل الوباء كنت أشعر أنى منبوذ. مع الوباء أصبح الوضع أسوأ وكأنني أحمل الفيروس اللعين، وكأنني من يهدد أوروبا كلها. أصبح وضعي وكل المهاجرين لا يوصف، نعيش وسط البرد والضغط العصبي والتعب. نتكدس فوق بعضنا البعض في خيام، أغلقت الأبواب في وجوهنا، اختفي من كان يوفر مكاناً دافئاً وآمناً نمكث فيه بضع ساعات. يطاردنا السياسيون والشعبيون في كل مكان في أوروبا. يتهمنا ماتيو سالفيني، زعيم المعارضة اليمينية المتطرفة، بأننا نحن المهاجرين نشكل تهديدا للبلاد باعتبارنا حاملين للفيروس. وفي اليونان يطالب القوميون اليمينيون بإنشاء معسكرات اعتقال للاجئين لحماية السكان من العدوى. أى قتل هذا؟ أوروبا كانت بخيلة وقاسية.. والآن أصبحت قاتلة.
* رئيس التحرير يشكر الصديق الأستاذ محمد القزاز من جريدة الأهرام العريقة، على إرساله مقاله هذا بناء على طلبنا.
- علامات:
- مجتمع