28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

د. جيرار ديب، معادلة الرعب والحفاظ على النفط في لبنان

د. جيرار ديب، معادلة الرعب والحفاظ على النفط في لبنان كتبَ جيرار ديب :
أفاد موقع " ديفنس الإسرائيلي"، أنّ الحكومة الإسرائيلية صادقت على التنقيب عن الغاز في "ألون دي"، وهو البلوك ٧٢ السابق. الأمر الذي، من شأنه، أن يشعل النزاع مع لبنان؛ مشيراً إلى أن البلوك المذكور يقع بمحاذاة البلوك ٩ اللبناني الشهير. وفي قراءة قرار الاستئناف بخصوص رخصة "ألون دي" من العام ٢٠١٧، يتبين أن الحكومة الإسرائيلية امتنعت على مدى سنوات، منح ترخيص للتنقيب في هذا البلوك بسبب الخشية من تفاقم النزاع مع لبنان.
صادقت الحكومة الإسرائيلية على التنقيب عن الغاز في "ألون دي"، والموضوع سيدخل حيّز التنفيذ، ولكنّ الإشكالية تطرح: هل فعلًا ستسعى الحكومة الاسرائيلية إلى التنقيب رغم الرفض العام اللبناني؟ أم إن هذا القرار يدخل في باب المراوغة كي يتمّ تحويل أنظار لبنان، ولا سيما المقاومة فيه عن ما سيجري في فلسطين المحتلة من ضمّ الأراضي؟
إسرائيل، على أبواب تطبيق قرار قضائي، يقضي، بضمّ أراضي الضفة وغور الأردن، في حين أنّ لبنان والمنطقة يمرّان بما بات يعرف بسياسة الفوضى الخلاقة. تلك السياسة، التي تهدف، إلى إعادة رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، بما يتناسب مع المصالح الأميركية-الإسرائيلية.
الوصول إلى الفوضى، بحسب علم النفس، يبقى هدف المعالج النفسي المنشود، لإعادة بناء هوية مريضه. هكذا حال المنطقة اليوم، فالفوضى العارمة من المحيط إلى الخليج، والصدام السياسي والعسكري بين الدول الشقيقة، سيفتحان شهيّة إسرائيل، المدعومة بقرارٍ أميركي، إلى تنفيذ مشروع رئيس وزراء العدو نتنياهو، كي يقدم على مثل هذه الخطوة المتهورة. لا أحد في لبنان، لا يدرك مدى الأطماع الإسرائيلية في أرضنا، وما هي مستعدة للقيام به لأجل تأمين مصالحها. فالصراع على المياه، من نهر الوزاني، إلى اطماعها من نهر الليطاني. فالأمن المائي عندها، هو خطّ أحمر! لذا، فهي على استعدادٍ لفعل أي شيء، من أجل تأمين المياه لسكانها في الشمال الفلسطيني المحتلّ.
أضف إلى ذلك، مرتفعات تلال كفرشوبا، ومزارع شبعا، التي تعتبرها مواقع استراتيجية لحماية سيادتها. هذا ما سيدفع بها، للمحافظة أكثر على تلك الجبال. تمامًا، كما قضية هضبة الجولان السورية، التي وقّع الرئيس الأميركي ترامب بضمّها لإسرائيل.
على ما يبدو، تعمل الحكومة الإسرائيلية، المتعثّرة التأليف، على خرقٍ جديٍّ لإعادة الثقة بشخص رئيسها نتنياهو. لذا، فهي جديّة في تطبيق القرار القضائي، الذي يسمح لها بالتنقيب في مساحةٍ دوليةٍ متصارع عليها. هذا، ما سيفتح الحدود البحرية والمنطقة على كافة السيناريوهات، وأبرزها الحرب الإقليمية.
تدرك جيدًا إسرائيل، أنّ هكذا خطوة، لن تمرّ مرور الكرام. فالموقف الرسمي اللبناني، موحد حول هذا الموضوع. وقد عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري بوضوح، للوفد الأميركي الذي زار لبنان، عن الرفض وعدم التخلي عن شبر أرضٍ، ولا عن نقطة نفطٍ من مواردنا الطبيعية.
تسعى الحكومة الإسرائيلية، لجسّ النبض اللبناني في هذا الخصوص. فتشغيل الحزب داخليًا، عبر خلق فتنةٍ طائفيةٍ في لبنان، إضافة إلى اشتداد الأزمة الإقتصادية، المترافقة مع العقوبات الأميركية التي تزداد يومًا بعد يوم، قد تطرح أكثر من علامة استفهام حول تلاقي المصالح بين الداخل والخارج. إنّ الظروف التي رافقت اتفاق ١٧ أيار ١٩٨٣، تتشابه مع الظروف اليوم، من ضغوطات خارجية، وتوالي الأزمات الداخلية. إلا أنّ الذي يختلف عن السابق، وهذا ما تعلمه الحكومة الإسرائيلية، أنّ المقاومة، هي على كامل الاستعداد للدفاع عن النفط اللبناني. وأنها قادرة على دحر العدو، وردعه عن ما سيقوم به من سرقة نفطنا وغازنا.
لقد استطاعت المقاومة بعد حرب تموز ٢٠٠٦، أن تخلق معادلة جديدة، هي توازن الرعب. تلك المعادلة التي استطاعت إيقاف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان. هذا وتستند المقاومة في قوّتها، على رئيس الجمهورية، الذي عبّر أكثر من مرةٍ عن رفضه لسرقة نفطنا، حتى لو كلّف ذلك حربًا مع العدو. أخيرًا، قد تبدأ إسرائيل بالتنقيب عن النفط، إلّا أنّها تدرك جيدًا، أنّ لبنان متحصّن أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بإرادةٍ صلبة من المقاوم، وتطوّر في نوعية سلاحه، لاسيما الصواريخ الدقيقة، التي تزرع الرعب في نفوس الأعداء. لهذا، من المرجّح أن تستند إسرائيل في عملية التنقيب، على الداخل اللبناني، وليس على حربٍ قد تشنّها هي وحكمًا ستكون خاسرة. لأنها بالطبع، ستراهن على فتنةٍ داخليةٍ، تلعب دورها، عبر تحريك الداخل اللبناني نحو الإنقسام، تحت عنوان الضغط الإقتصادي. هذا ما ذُكر في بيان لقاء بعبدا الخميس الماضي، والذي خوّف من فتنة قد تشتعل في أية لحظة ممكنة.
د. جيرار ديب. أستاذ الفكر السياسي في الجامعة اللبنانية
المصدر :الدكتور جيرار ديب
جريدة الأيام الإلكترونية. محليات