28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

السيد السيستاني في رسالة إلى البابا فرانسيس: لتضافر الجهود لنبذ العنف والكراهية/ جريدة الأيام الإلكترونية

السيد السيستاني في رسالة إلى البابا فرانسيس: لتضافر الجهود لنبذ العنف والكراهية/ جريدة الأيام الإلكترونية بعث السيد علي السيستاني اليوم الأربعاء رسالة جوابية إلى بابا الفاتيكان فرنسيس ردًا على رسالته إليه.
وجاء في نص الرسالة: "سرّني كتابكم الكريم الذي بعثتم به إليّ بمناسبة الذكرى الثانية لزيارتكم التاريخية للعراق، واللقاء الذي جمعني بكم في النجف الأشرف، ذلك اللقاء المهمّ الذي أصبح حافزًا للكثيرين من أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية ـ بل ولغيرهم أيضًا ـ للتحلّي بقدرٍ أكبر من التسامح وحسن التعايش مع من يخالفهم في الدين والعقيدة".
وأضاف السيد السيستاني: "لقد أشرتم في رسالتكم الكريمة إلى بعض المواضيع التي أكّدنا عليها في ذلك اللقاء الرائع، ومنها أهمية تضافر الجهود في سبيل الترويج لثقافة التعايش السلمي ونبذ العنف والكراهية وتثبيت قيم التآلف بين الناس المبني على رعاية الحقوق والإحترام المتبادل بين معتنقي مختلف الأديان والإتجاهات الفكرية".
وتابع السيد السيستاني في رسالته: "إنني أشاركم الرأي في ضرورة بذل المزيد من الجهود للدفاع عن المضطهدين والمظلومين في مختلف أنحاء العالم"، منوّهًا الى أنّ للمآسي التي يعاني منها العديد من الشعوب والفئات العرقية والإجتماعية في أماكن كثيرة في شرق الأرض وغربها ـ نتيجةً لما يمارس ضدّها من الاضطهاد الفكري والديني وقمع الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية ـ دوراً في بروز بعض الحركات المتطرفة التي لا تتورّع عن الاعتداء على الآخرين المختلفين معها في الفكر أو العقيدة، وأجد أنّ من المهمّ أن يولي الجميع اهتمامًا أكبر برفع هذه المظالم، ويعملوا بما في وسعهم في سبيل تحقيق قدرٍ لائق من العدالة والطمأنينة في مختلف المجتمعات، ومن المؤكّد أنه سيساهم في الحدّ من مظاهر الكراهية والعنف بشكل عام".
وأردف: "ويهمّني أن أشير هنا إلى ما سبق التأكيد عليه من الدور الأساس للإيمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر، وحاجتها الماسّة إلى التزوّد بالجوانب الروحية والمعنوية السليمة، وإلى الحفاظ على كيان الأسرة وقيمها كما فطر الله الإنسان عليها وإلى رعاية التقوى التي بها ينال الإنسان الكرامة الإلهية كما ورد في القرآن المجيد (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقد ألهم الله سبحانه النفس البشرية جانبًا مهمًا منها كما ورد في قوله تعالى: (ونفسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها)".
وتوجه السيد السيستاني بالدعاء والتضرع إلى الله العلي القدير "بأن يلهمنا جميعًا الصواب في القول والعمل، ويتفضّل على البشرية جمعاء من الخير والصلاح والسلام ما يليق برحمته الواسعة وعطائه الذي لا حدود له".
وختم السيد السيستاني رسالته معبّرًا عن تمنياته للبابا فرنسيس بالصحة والسلامة والتعافي من العارض الذي ألمّ به مؤخرًا.
وكان البابا فرنسيس قد وجه رسالة للسيد السيستاني بعد سنتين من اللقاء التاريخي الذي تمَّ في النجف وقد سلّمه إياها عميد الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو غيكسوت.
كتب البابا فرنسيس "صاحب السّماحة، أيّها الأخ العزيز، تحيّة طيّبة وبعد، يسرني أن أنتهز هذه الفرصة لأخاطبكم من جديد، بعد لقائنا قبل عامين في النجف، والذي "كان مفيدًا لي" كما قلت عند عودتي من العراق. وكان علامة فارقة في مسيرة الحوار بين الأديان والتّفاهم بين الشّعوب. أتذكر شاكرًا الحديث الأخوي والمشاركة الرّوحية في مواضيع سامية مثل التّضامن والسّلام والدفاع عن الأشدَّ ضعفًا، وأيضًا التزامكم لصالح الذين تعرّضوا للاضطهاد، وحمايتكم لقدسيّة الحياة وأهميّة وَحدة الشّعب العراقي".
تابع البابا فرنسيس "إنَّ التّعاون والصّداقة بين المؤمنين في مختلف الأديان هو أمرٌ لا غِنَى عنه، من أجل تنمية ليس فقط الاحترام المتبادل، ولكن قبل كلّ شيء الانسجام الذي يساهم في خير الإنسانيّة، كما يعلّمنا تاريخ العراق الحديث. لذلك، يمكن لجماعتنا لا بل يجب عليها أن تكون مكانًا متميّزًا للشراكة والوَحدة ورمزًا للعيش السّلمي معًا، نرفع فيه صلاتنا إلى خالق الجميع، من أجل مستقبل تسود فيه الوَحدة على الأرض".
وأضاف " أيّها الأخ العزيز، كِلانا مقتنعٌ بأنّ احترام كرامة وحقوق كلّ فردٍ وكلّ جماعة، وخاصّة حرّيّة الدّين والفِكر والتَّعبير، هو مصدرُ الطّمأنينة للفرد والمجتمع، والإنسجام بين الشّعوب. لذلك، علينا نحن أيضًا، القادة الدّينيّين، أن نشجّع أصحاب المسؤوليّات في المجتمع المدني لكي يجتهدوا ويرسِّخوا ثقافة تقوم على العدل والسّلام، ويعززوا الإجراءات السّياسيّة التي تحمي الحقوق الأساسيّة لكلّ فرد. في الواقع، إنّه أمرٌ جوهري أن تكتشف الأسرة البشريّة من جديد معنى الأخوّة والقبول المتبادل، كإجابة ملموسة على تحدّيات اليوم. لهذا، فإنّ الرّجال والنّساء من مختلف الدّيانات، الذين يسيرون معًا نحو الله، هُم مدعوّون إلى اللقاء في الفسحة الكبيرة للقِيَمِ الرّوحيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة المُشتركة، واستثمارِ ذلك في نَشْرِ الأخلاق والفضائل السامية التي تدعو إليها الأديان".
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول " أتمنّى أن نتمكّن معًا، مسيحيّين ومسلمين، من أن نكون دائمًا شهودًا للحقيقة والمحبّة والرّجاء، في عالم مطبوع بالصّراعات العديدة، ويحتاج بالتّالي إلى الرّأفة والشّفاء. أرفع صلاتي إلى الله العلِيِّ القدير، من أجل سماحتكم ومن أجل جماعتكم ومن أجل أرض العراق الحبيبة".
جريدة الايام الإلكترونية . بيروت . المصدر: الميادين