28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

عاشوراء: لماذا تُلهم كربلاء الرسامين حتى يومنا هذا؟/ جريدة الأيام الإلكترونية

عاشوراء: لماذا تُلهم كربلاء الرسامين حتى يومنا هذا؟/ جريدة الأيام الإلكترونية ما الذي يمكن أن يجمع هندياً يعيش في كاليفورنيا، بلبناني من الجنوب؟
لا يعرف نبي حيدر علي من الهند، وعلي نجدي من لبنان، بعضهما البعض. ولكن، حين سألتُ الإثنين عن فنان تأثرا بأعماله، حدّثاني عن الرسام الإيراني محمود فرشجيان.
نبي وعلي رسامان في العشرينات من العمر، ينشران أعمالهما على إنستغرام، وكلاهما مسلم شيعي يوظّف الرسم للتعبير عن إيمانه وإحياء ذكرى عاشوراء كل سنة.
ومحمود فرشجيان فنان إيراني ذائع الصيت، في التسعين من عمره، ويعدّ من أبرز من رسموا واقعة الطفّ، وكان لأعماله تأثير كبير في إيران وخارجها، وامتدّ ذلك إلى أجيال من التشكيليين الأصغر سناً.
يخبرنا علي نجدي المولود في عائلة شيعية لبنانية، أنه بدأ تقليد رسوم فرشجيان حين كان في الثامنة من عمره، وتحديداً لوحة "عصر عاشوراء" (1976).تمثّل اللوحة حزن نساء عائلة الإمام الحسين(ع)، وتحلقهن حول جواده العائد دون فارس بعد المعركة التي جرت في كربلاء، للدلالة على إستشهاده.
تقاليد رسم الإمام علي بن أبي طالب(ع)، والحسين(ع) وعائلتهما، ليست بجديدة، إذ يعيدها بعض المؤرخين إلى القرن الثالث عشر، وتعدّ مصدر إلهام فني منذ زمن للمدارس التشكيلية على إختلافها.
وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، وتعاظم الحضور السياسي للأحزاب السياسية الشيعية في دول مثل العراق ولبنان، زاد حضور الرايات الحسينية والجداريات والبصريات المصبوغة بطابع عاشورائي ملحمي في الفضاء العام.
خلال السنوات القليلة الماضية، تحوّل انستغرام إلى معرض "كربلائي"، إن جاز التعبير، مع إختيار بعض الرسامين الشباب لهذه المنصة، كوسيلة لنشر أعمالهم.
نبي حيدر علي من الفنانين الذي يمتدّ تأثيرهم على نطاق واسع أيضاً، وله متابعون من مختلف الجنسيات على إنستغرام.ولد نبي حيدر علي في الهند لعائلة تاميل هندوسية، وكبر في الولايات المتحدة. يخبرنا أنه خلال طفولته، كان على تماس مع الصور النمطية السلبية للإسلام سواء في الإعلام، أو في كنف العائلة التي لم تتقبل إسلامه بعد.
وجد الشاب طريقه إلى الإسلام في البداية، من خلال إهتمامه بالتقاليد الصوفية الآسيوية، وأحبّ المذهب الشيعي لأنه، كما يخبرنا، "يجد فيه جذوراً صوفية من خلال مفهوم الولاية، حيث هناك بنية تراتبية للمعرفة وتسلسل في طلبها".
يقول إنه يعمد إلى إظهار طابع جمالي في أعماله، تمثلاً بقول السيدة زينب أخت الحسين(ع)بعد واقعة كربلاء: "ما رأيت إلاّ جميلاً". لم تكن مشاهد عاشوراء مصدر إلهام فنّي لنبي وحسب، بل كذلك طريقته ليعمق فهمه لتاريخ الشيعة وتقاليدهم.
تظهر في رسوم نبي بشكل واضح تأثيرات الثقافة الهندية مطبوعة في التصاوير العاشورائية، كأنه تلاقح بين عالمين.
يحجب نبي وجوه الأئمة في بعض الأعمال، ويظهرها في أخرى. يقول إنه يعرف أن "رسمهم ليس محرّماً بحسب الفقهاء الشيعة"، ولكن بعض المعلقين على أعماله قالوا له "إنهم لا يرتاحون لرؤية الوجوه مرسومة".
يقول الرسام اللبناني علي نجدي إن رسم الوجوه والملامح من أصعب تقنيات الحرفة، لذلك كان تقليده في سن صغيرة لتصاوير الأئمة ومحاولته الحثيثة لرسم وجوههم، بوابة لإتقانه فن الرسم.
يقول علي نجدي: تأثرت كثيراً بحالة الوحدة والمظلومية التي أصابت الإمام الحسين(ع) في واقعة الطف، والصور التشابيه المنتشرة دعّمت فهمي لشخصيته كإنسان رحيم، صلب ومظلوم في الوقت عينه".
يضيف: "ليس هناك من معلومات أو تفاصيل عن هذه التشابيه، فالبعض يقول بأنها مبنية على أساس صفات الإمام(ع) المذكورة في كتب التاريخ، والبعض كان يقول إن هناك رساماً قد رأى وجه الإمام(ع) في منامه ورسمه فيما بعد".
كشريحة واسعة من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، يعتقد علي بأن عاشوراء ألهمت أهل الجنوب اللبناني ليس فقط في الفن، بل خلال حقبة الإحتلال الإسرائيلي على "القيام بوجه طاغية، والدفاع عن الأرض".
جريدة الأيام الإلكترونية. بيروت . المصدر: بي بي سي