عن الموت والثورة | مريم ميرزادة تكتب من وحي الهجوم الإرهابي في شيراز / جريدة الأيام الإلكترونية
أتذكر قريبةً لنا- رحمها الله- كانت تدعو في السر والعلن بأن تنام ولا تستفيق إذا حانت ساعتها. كنا نسألها لماذا؟ أليس الموت التدريجي أقل وطأةً على المريض وعلى أسرته؟ أليس ذلك رحمةً من الخالق بأن يهيّئنا للأسوأ المحتوم؟!
كانت تقول إنها تريد الموت عزيزةً. ماتت قريبتنا مثلما أحبت. نامت ولم تستفق. لكنّ سبب موتها كان وفاة عزيزٍ لها بعمرِ الشباب، حيث أصيبت من بعده بمرضٍ في القلب!
الإنسان في الوقت نفسه كذلك، لا يتصور نفسه يموت إثر انفجار، ولو قالوا عنه "شهيد". ربما الأمر هنا معقد قليلًا. فحقيقة أن نتقبّل هذا النوع من الموت الفجائي يتطلّب إيمانًا متعاليًا عن أفهام البشر، مجاوِزًا لكل أنواع اختبارات الألم.
باعتقادي أنّ حبّ الشهادة مصداقٌ عمليٌّ للعرفان النظريّ. أما الشهادة نفسها، فهي العرفان العملي. الشهود العملي.
يهرب الإنسان من الموت. يقاومه بكل ما أوتيَ من قوة. ويتشبّث بالأمل لأنّ ساعة الرحيل مجهولة. وهذا لطفٌ كبير من الله.
*المشهد الدموي في مزار شاهچراغ حملَ معه صورًا عدة. الشرّ الإنساني، الخوف، الهروب من الموت، حتمية الموت، انعدام الرحمة والتعاطف، الإيمان، الصلاة..
ربما تلك الأم أحبت أن تزور المرقد لتدعو الله بأن يرزقها نعمةً ما. ربما كانت تسافر مع أسرتها بالسيارة، وتوقفوا لأداء الصلاة نظرًا لطول المسافات في إيران. ربما كانت من النوع الذي يهوى هذه الأماكن لما فيها من سكينة. ربما هي كانت أنا. أو أي امرأة أخرى لديها أبناء تفديهم بروحها. ربما فكرت في تلك اللحظة بأن ابنها سيموت معها. ربما. ربما...
أن نتعاطف مع إنسان يعني أن نكونَه. أن نضع أنفسنا في تلك الصورة. ملاحظة بين شارحتين: لا تنجح ثورةٌ فارغة من القضايا الإنسانية. أما مصطلح "الثورة أنثى" أو ثورة النساء، يذكرني برغبات دفينة مكبوتة تحاول لفت النظر إليها، بخصلة شعر أو بحرق حجاب أو بفجور في الشارع. تذكرني بكائنٍ يتمرد للحصول على هواه تحت عنوان الحرية الشخصية والحقوق.
السيدة التي استشهدت أمس بالمناسبة، هي امرأةٌ، هي حياةٌ، هي حرية!
مريم ميرزادة. كاتبة
جريدة الأيام الإلكترونية. الصفحة الثقافية
- علامات:
- مجتمع
