28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

مع عبد المجيد زراقط في النقد كل اثنين.. الروائي والقاص بهاء طاهر ، المتشبِّث بيقينه كي لايضيع العمر/ جريدة الأيام الإلكترونية

مع عبد المجيد زراقط في النقد كل اثنين.. الروائي والقاص بهاء طاهر ، المتشبِّث بيقينه كي لايضيع العمر/ جريدة الأيام الإلكترونية بهاء طاهر روائي وقاصّ ومترجم وناقد ، لديه اجازة في التاريخ - ١٩٥٦ ، ودبلوم دراسات عليا في الاعلام – ١٩٧٣. عمل مخرجاً للدراما ومذيعاً في اذاعة البرنامج الثاني . فُصل من عمله ، ومُنع من الكتابة ، فسافر ، وعمل مترجماً ، في مقرِّ الأمم المتحدة الأوروبي ، في جنيف ، من العام ١٩٨١الى العام ١٩٩٥.
 يقول ، في هذا الشأن : " خرجت من مصر ، في نهاية السبعينيات ، لأن السلطة لم تكن تقبل الاختلاف ، فكان علينا امَّا أن نجلس في بيوتنا بلا عمل ، أو نخرج ، فذهبت الى جنيف . تأثير المكان والغربة ظاهر في أعمالي " . وعن تأثير تشتيت مثقفي النهضة والتنوير ، في تلك الاَونة ،  يقول : " نجح السادات في تشتيت مثقفي النهضة والتطوير في منافي الأرض ، واسكات واضعاف من تبقى منهم في مصر ، وجلب بدلاً منهم مجموعة من الوعَّاظ المهاجرين منذ العهد الناصري الى دول الخليج . كانوا معنيِّين تماماً بإبعاد الدين عن قضايا التطور الاجتماعي ، والحضِّ على طاعة الحاكم ، والتركيز على الجوانب الشكلية للعبادات " . وتأثير هذا واضح في نصوص طاهر الابداعية ؛ اذ يلاحظ قارئها تكرار مفردتي " الصمت ، و" السكوت " .
  عاد الى مصر ليتفرَّغ للكتابة والنشاط الثقافي . نشط  سياسياً ، فشارك في تأسيس حركة " كفاية " ، سنة  ٢٠٠٤ ، وفي نشاط " أدباء من أجل التغيير " ، قبل ثورة يناير ٢٠١١. أيَّد ثورة ٢٥ يناير سنة ٢٠١١ ، وعبَّر عن مخاوفه من عودة التيار الاسلامي ، وعارض حكم جماعة الاخوان المسلمين ، ثم أيَّد الحوار معهم ، ورأى أن تجاهل مشروع " اسلام سياسي نوع من العمى السياسي " .
  تبرَّع ، في نوفمبر ( تشرين الثاني )  سنة ٢٠٠٩ ، بقطعة أرض يملكها في الأقصر لبناء قصر ثقافة عليها ، في قريته ، وفي سنة ٢٠١٣ ، تم افتتاح المبنى الذي صمَّمه المعماري حسن فتحي على طراز قرية ، وأُطلق عليه  اسمه ، 
  كان مقلًّاً في الكتابة ، سئل عن ذلك ، فأجاب : ابن المقفع لم يترك سوى كتابين . كتب ، في القصة القصيرة ، خمس مجموعات هي  : الخطوبة – ١٩٧٢ ، وهي أول عمل قصصي يُنشر له ، قدَّمه القاصُّ الكبير يوسف ادريس بقوله : : " هذا كاتب لايقلِّد أحداً ، ولايستعير أصابع  غيره " ، بالأمس حلمت بك – ١٩٨٤ ، أنا الملك جئت – ١٩٨٥ ، ذهبت الى شلال - ١٩٩٨ ، لم أعرف أنَّ الطواويس تطير – ٢٠٠٩ . وفي الرواية ست روايات هي : شرق النخيل – ١٩٨٣ ، قالت ضحى – ١٩٨٥ ، خالتي صفية والدير – ١٩٩١ ، نالت جائزة " جوزيي أكيري " الايطالية ،  الحب في المنفى – ١٩٩١ ،  نالت جائزة " الزياتور " الايطالية ، نقطة نور – ٢٠٠١ ، واحة الغروب – ٢٠٠٦ . وفي الفكر : أبناء رفاعة : الثقافة والحرية - ١٩٩٠ ،  رصد فيه دور المثقف المصري في انجاز الدولة المدنية ، وكتب هو عن هذا الكتاب : " ربما يكون أدقُّ وصف لهذا الكتاب هو صعود الدولة المدنية وانحسارها " .  وفي النقد : مسرحيات مصرية – ١٩٨٥ ، وعن نقده المسرحي ، يقول شعبان يوسف ، في كتابه :" بهاء طاهر مسرحياً :  "  لاغنى ، لأي باحث ، يحاول أن يتعرف على مسرح الستينيات من دون أن يقرأ ماكتبه بهاء طاهر " ،  في مديح الرواية – ٢٠٠٤ ، وفي الترجمة : مسرحية فاصل غريب – ١٩٧٠ ، رواية الخيميائي ، بعنوان ساحر الصحراء . نال جائزة الدولة التقديرية في الاَداب ، سنة ١٩٩٨ ، والجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر)  ، في دورتها الأولى ، سنة ٢٠٠٨ عن روايته : " واحة الغروب "   ، وجائزة مبارك ، سنة ٢٠٠٩، وردَّها سنة ٢٠١١ ، في أثناء أحداث الثورة ، قائلاً انه لايستطيع أن يحملها ، وقد أراق نظام مبارك دماء المصريين الشرفاء .
بقي بهاء طاهر يقول ، كما جاء على لسان شخصية من شخصيات روايته :" الحب في المنفى " ، عن جمال عبد الناصر : " ... نشعر بأننا شبحان من عصر مات . نعرف أن عبد الناصر لن يُبعث من جديد ، وأنً عمال العالم لن يتَّحدوا ... ، فعلمت  أنَّ مثلي ... ، يتشبَّث بيقينه لكيلا ينتهي عالمه ، ولكيلا يضيع الحلم الذي دفعنا فيه عمراً بأكمله " . واقعية قصصه ، وتنوُّعها
صدرت مجموعة " الخطوبة " ، وهي المجموعة القصصية الأولى لبهاء طاهر في العام ١٩٧٢ ، غير أنَّ قصصها ، كما تفيد تواريخ كتابتها المدوَّنة في نهاية القصص ، كُتبت بين عامي ١٩٦٤و ١٩٧٢، كما أنَّ قصصاً من المجموعة الثانية كتبت بين عامي ١٩٦٥ و١٩٦٩ ، أما القصص الأخرى فكتبت بين عامي ١٩٧٢ و١٩٨٥. وهذا يعني أن قصص المجموعات الثلاث الأولى كتبت في مرحلة ازدهار الواقعية في الأدب العربي . وتفيد قراءة قصص هذه المجموعات أنها تنتمي الى الواقعية النقدية ، ملاحظين أنَّ قصتي :" بجوار أسماك ملونة " و " المطر فجأة " لاتخلوان من لمحات رومنسية  ، فالمرجع الذي تصدر عنه القصص جميعها  ، ويُلتقط منه المتن القصصي / اللحظة المهمة ، هو الواقع المجتمعي ، وفي بعض القصص هو مرجع سيري ، فضاؤه القصصي القاهرة أو المدينة الأوروبية  ، كما أن المبنى القصصي واقعي ، يعادل المرجع ، ويغايره ، ويكشفه ، ويرى اليه ، فينطق النص بالدلالة ، من دون أي تدخُّل من الراوي ، ففي قصة " فنجان قهوة " ، على سبيل المثال ، يلتقط الراوي اللحظة المهمة ، وهي موت الأب ، فينطلق القصُّ من تفصيل الفقد هذا ، الى قصِّ تفاصيل يحفِّز هذا الفقد  حدوثها : مجيء العم السكران ، لاقهوة في البيت ، الفتاة تحبُّ ، ويريد حبيبها أن يلتقيها ، تشعر بتأنيب الضمير ، تسترجع موقف الأب من تزويجها  من ابن العم شوقي ، تسوية المعاش ، المعاش لايكفي ، كانت يد الأب طويلة ، من يسوّي المعاش ، كما يرى العم ، يريد الزواج من الفتاة ، عدل عن تزويجها بابنه ، يعترض الابن الصغير، يضربه أخوه الكبير ،   تحتار الأم ... . الفقد لم يُعوَّض ، وتبقى النهاية مفتوحة . هذا نصٌّ قصصي يُترك تأويل ووضع نهايته للقارئ ، بوصفه منتجاً اَخر له . غير أنَّ الواقعية ، في المجموعتين الأخيرتين ، تختلف ، اذ انَّ المرجع يبدو متخيَّلاً ،   ويكون الحدث ، في قصة أسطورياً ، وفي قصة أخرى حكائياً ، وفي قصة ثالثة رمزاً ورابعة تاريخياً ... ، غير أنه يُروى بتفاصيل واقعية مقنعة ،  وموهمة بصدقية ، كما في قصة " سكان القصر " ، على سبيل المثال ، فالقصر رمز للسلطة التي تتغيَّر ، وتبقى سلطة قاهرة ، والملاحظ ، في هذه القصة ، انتظام الحدثين : الواقعي والمتخيل ، في بناء ينطق بالدلالة التي يترك للقارئ أن يتبيَّنها ، بعد أن يرى أنَّ الفقد ، وهو خوف الناس وقهرهم ، لم يُعوَّض .  
د. عبد المجيد زراقط. أكاديمي. ناقد أدبي. قاص وروائي
جريدة الأيام الإلكترونية. الصفحة الثقافية