28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

"بلطجة"اسرائيلية بعد قمّة النقب: تعويض ضرب ايران بمواجهة مع حزب الله

"بلطجة"اسرائيلية بعد قمّة النقب: تعويض ضرب ايران بمواجهة مع حزب الله طغت قمة النقب على المشهد الاقليمي بعدما تحوّلت «اسرائيل» من «عشيقة سرية» الى «شريكة علنية». هذه القمة التي تاتي بعد بضعة ايام من قمة اخرى عقدت في شرم الشيخ بين رئيس وزراء العدو نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي، حيث ناقش المسؤولون التعاون الأمني والاقتصادي ومواجهة إيران، تثير مخاوف جدية من خروج «الامور» عن السيطرة امنيا وعسكريا على خلفية «المصلحة» المشتركة بين حلفاء واشنطن لاجهاض الاتفاق النووي المفترض.
خطر «التهور» الاسرائيلي
ففي ظل هذا التوتر المتصاعد لحلفاء واشنطن الذين لم يحصلوا على اي ضمانات اميركية في القمة حيث تركز ادارة الرئيس جون بايدن على الحرب في اوكرانيا والصين وتريد التخلص من الملف النووي الايراني، تبدو «الشهية» الاسرائيلية مفتوحة لتقديم نفسها «كبلطجي الحي» الذي يمكن للدول المطبّعة الاتكال عليه لتعويض التخلي الاميركي عن حمايتهم، ولهذا ثمة مخاوف مرتفعة من اقدام الاسرائيليين على خطوات تصعيدية على اكثر من جبهة، وحسب مصادر دبلوماسية غربية تريد اسرائيل «بشدة» ضرب إيران عسكرياً، لكن هذا الامر دونه كثير من العقبات اللوجستية، ويضع المنطقة على «فوهة بركان» لا يعرف احد اين ستصل «حممه»، ولهذا ثمة مخاوف كبيرة لدى اكثر من طرف ومن ضمنهم الاميركيين بان يدفع الفلسطينيون الثمن بعد هذه القمة، ولهذا تحرك الملك الاردني عبدالله الثاني باتجاه رام الله في محاولة لتهدئة الامور في الضفة الغربية. فيما يتولى المصريون التواصل مع حركة حماس لابعاد شبح التصعيد عن غزة.
التصعيد على «الجبهة اللبنانية»؟
يبقى ان التصعيد على الجبهة اللبنانية خيار قائم وموضوع على «الطاولة»، بحسب تلك الاوساط، فبالنسبة الى الاسرائيليين ضرب حزب الله سيكون «اهون الشرين» او خيار الضرورة باعتباره الطرف الاكثر خطورة في «اذرع» ايران في المنطقة، وترك ملفه مفتوحا ريثما يتعزز وضعه مع عودة الايرانيين الى الساحة الدولية دون عقوبات او عقبات، هو بمثابة انتحار امني وعسكري لا بد من تجنبه. كما ان احداث تفجير عسكري في المنطقة سيورط الاميركيين ويجعلهم يعيدون النظر باستراتيجية «الخروج» من الشرق الاوسط.
تغطية عربية للحرب؟
وفي هذا السياق، تعتقد اسرائيل التي يحتاج الائتلاف الحاكم فيها الى «مغامرة» تثبت انه ليس ضعيفا، كما يصفه رئيس المعارضة بنيامين نتانياهو، انها تحظى بالتغطية العربية المطلوبة لخطوة مماثلة، في بلد منهار اقتصاديا وماليا، كلبنان حيث يجري الزعم بان حزب الله مسؤول عن هذا الانهيار، ولهذا اذا كان الخيار الحرب من ايران او المجازفة في «تحييد» الحزب سيكون الخيار الثاني اقل خطورة باعتقاد المصادر الديبلوماسية نفسها، التي تذكر بتاريخ «القمم»السابقة، والتي انتهت بكوارث ولم تكن اي منها دون تبعات «سلبية» ففي آذار 1996 انعقدت قمة مؤتمر «صانعي السلام» في شرم الشيخ، وكان هدفها الحقيقي مساعدة شمعون بيرس في الانتخابات، وبعدها شن حربه على لبنان في شهر نيسان. وفي حزيران 2003 انعقدت قمة العقبة، التي كان هدفها مساعدة أرييل شارون في ضرب الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وفي تشرين الثاني 2007، انعقدت قمة أنابوليس، التي كان هدفها ارغام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على «الرضوخ» في المفاوضات مع إيهود أولمرت.
«رسائل» حزب الله
ومن هنا، ولان تلك المؤشرات جدية ومقلقة لطهران وحلفائها في المنطقة، تؤكد مصادر مقربة من المقاومة ان حزب الله عزز حضوره جنوبا وبعث مؤخرا بسلسلة من «الرسائل» البالغة الجدية الى من «يعنيهم الامر» حيال جهوزيته لمواجهة اي اعتداء بغض النظر عن الاوضاع الصعبة على الساحة اللبنانية، وهو عمد الى الكشف عن بعض من قوته الجوية التي ستشكل «مفاجآتها»، اضافة الى القوة الصاروخية تغييرا جذريا في مفاهيم الحروب مع اسرائيل.
كسر «الخطوط الحمراء»
وانطلاقا من هذه المعطيات، بدأت «الرسائل» تصل تباعا الى كل القوى المشاركة في قمة النقب، ولم يكن استهداف طائرات وصواريخ «انصار الله» لشركة ارامكو في جدة، وجيزان، والرياض، مجرد صدفة، فالسعودية تبدو «الشريك» السري في هذه المحادثات، وقد قرأت اسرائيل ومعها المطبعون جيدا هذا التطور النوعي على مستوى دقة الاصابات، والقدرة التفجيرية، فيما تبدو العملية العسكرية الفلسطينية في الخضيرة «رسالة» نوعية اخرى للاسرائيليين بانه لن تكون هناك «خطوطا حمراء» في اي مواجهة مقبلة حيث ستكون كافة الجبهات مشتعلة ومفتوحة على كافة الاحتمالات.
شرق اوسط جديد
بدورها اعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان العلاقات الأمنية الجديدة تعيد تشكيل الشرق الأوسط الجديد، حيث يحاول «أعداء»الأمس احتواء إيران وإعادة التفكير في الدور الأمني الأميركي في المنطقة حيث يسعى هؤلاء الى شراكة أمنية غير مسبوقة وعلاقات عسكرية واقتصادية واستراتيجية مشتركة ضد إيران. وقد برزت في القمة محاولات متبادلة «للابتزاز» المتبادل ففيما تريد ادارة بايدن إقناع كل من إسرائيل والسعودية ودول الخليج دعم موقفها لعزل روسيا، يريد الطرف الاخر من واشنطن اعادة النظر في التفاهم المفترض مع طهران، او اقله تخفيف مخاطره. ولهذا حضر على «الطاولة» كيفية اعداد أنظمة دفاع جوي وصاروخي لمواجهة إيران وترسانتها من الأسلحة «الدقيقة» والمسيرات القتالية. واللافت في تقرير الصحيفة ما نقلته عن مسؤول أميركي قوله إن السعودية التي لم تقم بالتطبيع مع إسرائيل أقامت علاقات عسكرية سرية وثيقة مع إسرائيل.
لا موقف موحد
في المقابل اكدت صحيفة «يديعوت احرنوت» بان الحاجة إلى إظهار جبهة موحدة ضد إيران بعيد عن التحقق، فالأميركيون مصممون كما يبدو على التوقيع على الاتفاق، وهناك فجوة كبيرة بين ما إسرائيل مستعدة لفعله لتقييد النشاطات الإيرانية في أرجاء المنطقة وبين ما مستعدة لفعله الإمارات أو السعودية التي لم تشارك في القمة علنا.
لا «اوهام»!
وفي اختصار للمشهد، وفي محاولة منها لتذكير القيادة الاسرائيلية بعدم الغرق كثيرا في الاوهام، قالت صحيفة «هآرتس» «أن بلينكن جاء للتهدئة والتعزية في آن واحد»، لكن بعد انتهاء التصريحات وإغلاق الكاميرات، ستبقى إسرائيل مع نفس المشكلات الوجودية في علاقتها مع الفلسطينيين. لذلك، من الجدير بزعمائها أن لا يوهموا أنفسهم بأن النزاع سيحل من تلقاء نفسه أو سيتم طمسه تحت أكوام مساحيق التجميل في الصور الرسمية. فعملية بئر السبع والخضيرة غير البعيدتين عن مكان عقد القمة، تذكران بأن الشرق الأوسط القديم ما زال موجوداً
المصدر : جريدة الديار