28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

في النقد كل اثنين مع عبد المجيد زراقط| ما هو النقد الأدبي؟ / جريدة الأيام الإلكترونية

في النقد كل اثنين مع عبد المجيد زراقط| ما هو النقد الأدبي؟ / جريدة الأيام الإلكترونية نبدأ أحاديثنا ، تحت عنوان النقد الأدبي ، بتحديد مفهوم هذا النوع من الكتابة ، والاجابة عن السؤال : ماهو النقد الأدبي ؟
نبدأ الاجابة عن هذا السؤال بحكاية رواها محمد بن سلَّام الجمحي ( ١٥٠ – ٢٣٢هج ) ، وهو أحد الاخباريِّين والرواة والنحويين وعلماء اللغة العرب ، ومن أعيان أهل الأدب والنقد في عصره .
يروي ابن سلَّام ، فيقول :
نظم أحد الشعراء قصيدة ، ولما قرأها ، أُعجب بها . أعاد قراءتها ، فازداد اعجابه بها . وذهب الى الراوية والناقد خلف الأحمر ، وهو أشهر نقاد عصره ، وأنشدها له ، وسأله أن يرويها ، وكان الراوية وسيلة النشر اَنذاك . قرأها خلف ، وقال للشاعر : قصيدتك ليست جيدة ، ، ولا تستأهل أن أرويها ، وأنصحك بأن لاتنشرها ، فقال له الشاعر : اذا أنا نظمت الشعر ، واستحسنته ، فما أبالي ماقلت فيه أنت وأصحابك . فقال له ابن سلّام : اذا أخذت أنت درهماً ، فاستحسنته ، فقال لك الصرَّاف : انه رديء ، هل ينفعك استحسانك له ؟
لم يجب الشاعر ، فأضاف الناقد : للشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات .
يثيرابن سلَّام مسألة ارتباط النقد الأدبي بتمييز " النقد – العملة " فالنقد ، في الأساس ، هو معاينة الدراهم والدنانير ، قديماً ، والدولارات والليرات ... ، حديثاً ، وفحصها بتدبُّر العالم بها ، وتمييزها ، وتبيُّن خصائصها ، والحكم عليها ان كانت صحيحة أم زائفة . واذا أضفنا نقد الى الأدب ، يصبح المعنى كما يأتي :
النقد الأدبي هو معاينة النص الأدبي ، وفحصه بتدبُّر العالم بالنصوص الأدبية ، وتمييزه وبيان خصائصه والحكم المعلَّل عليه حكماً يقبله المتلقِّي ، بوصفه معرفة مقنعة . وهذه المعرفة ينبغي أن تكون قائمة على أسس علمية موضوعية .
وهنا، يُطرح سؤال هو : هل يُعنى النقد الأدبي بمساوئ النص الأدبي فحسب ؟ نجيب عن هذا السؤال بحكاية .
يُحكى أن " زويلس " ، وهو ناقد أدبي متحيِّز ، كان يركزعلى مساوئ النص ، تقدَّم ، ذات يوم ، للإله " أبولو " بنقدٍ قاسٍ لأحد الكتب الخالدة ، فسأله هذا الاله عمَّا في هذا الكتاب من محاسن ، فأجابه : أنا لاأُعنى الَّا بالكشف عن الأخطاء ، فناوله الاله كمِّية من عيدان القمح بسنابلها ، وأمره بأن يستخرج لنفسه ، جزاءً له ، عيدانها مجردة من السنابل ، فقال للإله : هذا ظلم . فقال له الاله : وماذا تسمِّي صنيعك في النص الأدبي ، الذي تغمض عينيك عن سنابله ، ولا ترى الا عيدانه !؟
وهذا يعني أن الناقد عليه أن يميِّز ، بموضوعية ، بين السنابل والعيدان في النص الأدبي ، أي يميِّز جيِّده من رديئه ويتبيَّن خصائصه على مستويي البنية والرؤية ، ويقدِّره ويصنِّفه ، مايفضي الى معرفة الظواهر الأدبية ، وبلورة الأنواع والمذاهب الأدبية ، وكتابة تاريخ الأدب ، استنادا الى أساس نقدي ، ينطلق من معاينة النصوص معاينة منهجية تفيد من مختلف العلوم المساعدة ، ويكون الذوق الأدبي / الاحساس الجمالي الأدبي المدرَّب مفتاح الدخول الى هذه النصوص
الدكتور عبد المجيد زراقط. أكاديمي - ناقد- قاص وروائي..
جريدة الأيام الإلكترونية. الصفحة الثقافية