اسرائيل تفضح مهمة شيَا ــ غريو في السعودية: عدم تحوّل ايران "لمنقذ"..
الدور الاسرائيلي
فقد كشفت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية عبر كاتبها المقرب من الاجهزة الامنية الاسرائيلية عاموس هرئيل، ان اسرائيل تعمل عبر القنوات الدبلوماسية لمنع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من تعزيز مكانة "منظمته السياسية" بدعم اقتصادي من إيران. ولفت الى ان أحداث "الربيع العربي" قبل عقد أثبتت أن دولاً مستقرة نسبياً انهارت بسرعة كبيرة وبشكل كامل، ومن هنا ترى اسرائيل ضرورة ملحة لمنح "مساعدة" للبنان، من خلال ضمان استقراره ومنع سيطرة حزب الله، وهو امر تعمل عليه الدبلوماسية الاسرائيلية منذ مدة، وقد ترجم ذلك في المحادثات السياسية والأمنية التي اجرتها مع أميركا وفرنسا ودول أوروبية أخرى.
نوايا "خبيثة"
وكان العدو الاسرائيلي واضحا على المستوى الرسمي ولم يخف نواياه "الخبيثة" ازاء الوضع اللبناني، وسبق لمكتب وزير الحرب بني غانتس، ان اصدر بيانا واضحا جاء فيه انه على خلفية الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان و"محاولة حزب الله إدخال استثمارات إيرانية ،اقترح غانتس بواسطة قيادة "اليونفيل" أن تحول إسرائيل مساعدات إنسانية للبنان. اما ذروة النفاق الاسرائيلي فكانت عبرغانتس نفسه حين قال من "المطلة" إن قلبه يتفطر إزاء رؤية المواطنين الجائعين في شوارع لبنان، وأن إسرائيل مستعدة لتحسين الوضع بالتعاون مع دول أخرى..؟!
الخشية من نفوذ حزب الله
ولفت الكاتب الى ان الجانب اللبناني لا يزال يرفض أي اتصالات مباشرة مع اسرائيل، وقال انه حتى في ضائقتهم ليس لديهم نية للانحراف عن سياسة" الرفض" لكن الموقف الاسرائيلي شهد تغييراً واضحا حيال ما يحدث في الطرف الثاني من الحدود: أولاً، إسرائيل قلقة من خطورة الأزمة الداخلية في لبنان والتي تتدهور بشكل سريع. ثانياً، هي تقلق من احتمالية قيام إيران بطرح نفسها "كمخلصة" للبنانيين، ثالثاً، تخشى اسرائيل من أن يمسك حزب الله زمام الأمور في بيروت، من خلال استغلال ضعف الحكومة الانتقالية، والعامل الديموغرافي المساعد له.
لماذا تدخلت اسرائيل؟
اما لماذا سرعت اسرائيل اتصالاتها مع الفرنسيين والاميركيين، فالامر مرتبط بحسب معلومات "هآرتس" بقرب رفع العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي قبل ثلاث سنوات، فالتوقعات الاسرائيلية تشير الى ان هذا الاجراء سيضخ بالتدريج مليارات الدولارات للاقتصاد الإيراني، وجزء من هذه الأموال يتوقع أن يجد طريقه إلى حزب الله، اما الاخطر فهو ان جزء من أرباح النفط الإيراني ربما تستخدم في المستقبل أيضاً لزيادة نفوذ إيران في بيروت، وهذا ما يقلق اسرائيل.
الغرب لا ايران
وفي هذا السياق، توقعت الصحيفة ان تزداد الازمة سوءا، مع النقص المتوقع في المواد الاساسية من الاسواق خلال الاسابيع المقبلة، ونقلت عن مسؤولين اسرائيليين تاكيدهم ان إسرائيل تفضل أن تصل أموال إعادة الإعمار لبنان من الغرب ومن دول الخليج وليس من إيران وروسيا والصين.
"اوكسيجين" لا اكثر...؟"
وفي مقال آخر عن لبنان، اختصرت "هارتس" المشهد بالقول" يبقى السؤال الملح، هل ستوافق الدول المانحة على تقديم المساعدات الاقتصادية قبل تشكيل الحكومة في لبنان، أم ستواصل النظر إلى لبنان وهو يغوص في الضياع إلى درجة أن لا يكون هناك مناص عدا ضخ المساعدات الحيوية له من أجل تمكين المواطنين فيه من البقاء. في الحالتين، ستكون النتيجة متشابهة. لكن ثمة خيار آخر يعمل عليه الان، وهو إعطاء لبنان مساعدة محددة، مثل مخصصات وقود لتشغيل الخدمات الحيوية وتعزيز التزويد بالكهرباء بواسطة سفن كهربائية او تمويل مشاريع تحت رقابة دولية وتعزيز دور الجيش اللبناني. وكل ذلك لن يحل الأزمة السياسية والاقتصادية، ولن يدفع قدماً بإجراء إصلاحات اقتصادية، لكنه سيوفر للبنان المزيد من "أوكسيجين التنفس".
ماذا يحصل في الرياض؟
في هذا الوقت، التقت السفيرة الفرنسية آن غريو والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في الرياض عبدالله الربيعة المستشار في الديوان الملكي، وفي تغريدة للسفارة الاميركية في بيروت على "تويتر" اشارت الى ان السفيرتين قامتا بمشاورات ثلاثية مهمة مع المملكة العربية السعودية لمناقشة الوضع في لبنان والسبل التي من خلالها يمكنهم معاً دعم الشعب اللبناني والمساعدة في استقرار الاقتصاد. ووفقا لمصادر دبلوماسية فان الجهود تتركز على أهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني، وزيادة الدعم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بينما البحث في تشكيل الحكومة لا يبدو اولوية في هذه المرحلة، لان هذه المسألة اكثر تعقيدا وتحتاج الى لقاءات على مستوى رفيع، لا على مستوى سفراء!
ووفقا لتلك الاوساط، تحاول واشنطن وباريس، اقناع الرياض بالاضرار الكامنة وراء ترك لبنان للايرانيين، ولهذا يتم "استدراج" السعودية مجددا الى الساحة اللبنانية من "بوابة" المساعدات الانسانية ودعم المؤسسات الامنية. وحتى الان لا يبدو في الافق اي فكرة ناضجة حيال عقد مؤتمر دولي حول لبنان، لكن السعوديين يصرون على التزام لبنان "بالحياد" الكامل والجدي للعودة الى "الحضن العربي". ومن هنا فان التحرك الدولي يسعى لمنع الفوضى والانفجار في ظل العجز عن وضعه تحت "الوصاية الدولية".
تحذيرات قطرية
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر سياسية مطلعة ان زيارة وزير الخارجية القطري الخاطفة الى بيروت لم تكن مخصصة فقط للاعلان عن تقديم مساعدات غذائية للجيش اللبناني، فامر كهذا لا يتطلب عناء القيام بزيارة، ولهذا فان الهدف غير المعلن للزيارة هدف لنقل تحذيرات من مخاطر السير وراء حزب الله ضمن استراتيجية"التوجه شرقا" وقد نقل موقفا خليجيا موحدا، مفاده ان اي استقبال لسفن نفط من إيران من دون موافقة الدولة اللبنانية يعني الانقلاب على المعادلة التي قام عليها لبنان، واذا حصل ذلك سيستدعي ردود أفعال اقليمية ودولية كبيرة..
المصدر :جريدة الديار
- علامات:
- إقليمي ودولي
