28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

الفوضى تعمّ الشارع اللبناني على وَطّْء أزمة نقدية واقتصادية متسارعة

الفوضى تعمّ الشارع اللبناني على وَطّْء أزمة نقدية واقتصادية متسارعة شكّل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء فوق عتبة العشرة آلاف ليرة لبنانية شرارة إشتعال الضمير اللبناني ببيته وشارعه الذي ومنذ أكثر من يومين يقطع الطرقات في كل المناطق إحتجاجا على ارتفاع أسعار السلع والبضائع، ولكن أيضا على النقص الحاصل في السوبرماركات فضلا عن اشتعال الأسعار التي باتت تحرق الجيوب الفارغة. فمشهد الشجار على الحليب المدعوم في إحدى السوبرماركات شكّل صدّمة كبيرة لدى الرأي العام المحلّي والعالمي، حيث ان سويسرا الشرق التي كانت موصوفة بمستواها الإجتماعي، أصبحت تقترب أكثر فأكثر من فنزويلا الشرق الأوسط كما وصفها تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في تشرين الثاني من العام 2019.
الرقابة على اللعبة الإقتصادية هي في صلب العمل السليم للماكينة الإقتصادية، وهذه الرقابة ما زالت غائبة إلى اليوم لأسباب عديدة منها التقصير والآخر سياسي، والفاقع منها التواطؤ الخفي! نعم، إذ كيف يُعقل أن المضاربين والمهرّبين والمحتكرين والمتواطئين معرفون بالأسماء ولا يتمّ توقيفهم عملا بالقوانين اللبنانية وسوقهم أمام القضاء اللبناني؟ السوبرماركات تحتكر في مخازنها المواد المدعومة في حين أن صالات العرض فارغة! وتجار الأدوية يُهرّبون الأدوية في وقت لم يعد يوجد في الأسواق اللبنانية أبسط الأدوية التي يحتاج إليها اللبناني! وماذا نقول عن المحروقات التي يتمّ تهريبها على مرأى من أعين الأجهزة الأمنية والرقابية؟
لنبدأ من الإستيراد الذي تُثبت أرقامه في الجمارك أنه إنخفض أكثر من ستين بالمائة عمّا كان عليه في العام 2019، مما لا يُبرّر زيادة الطلب على الدولار الأميركي. وبالتالي فإن وصوله إلى حدود الـ 11 ألف ليرة لبنانية في تعاملات السوق السوداء بحسب التطبيقات الموجودة على أجهزة الخليوي، إرتفع بشكل لا يُبرّره أي منطق إقتصادي. بل أن مرده الحقيقي يكمن في ثلاثة عوامل: تصفية حسابات سياسية من بوابة الدولار الأميركي، وتهريب مُكثّف للسلع والبضائع إلى الخارج، ومُضاربة شرسة من قبل بعض المافيات المعروفة في الأسواق.
وإذا نظرنا الى الضغط الأميركي والمُتمثّل بالتشدّد على الإعتمادات المفتوحة من قبل التجار لدى المصارف الأجنبية، فهو يعكس حقيقة الإعتقاد الأميركي بأن هناك عمليات تهريب تحصل في وقت كان البلد مُقفلاً بشكل شبه كامل، إن من خلال المشاهد الموثقة بالصور، أو من خلال الأرقام التي لم تشهد أي انخفاض بل على العكس زادت ارتفاعاً. وبالتالي، وفي ظل تطورّ الأوضاع السياسية الحالية، سيزداد هذا الضغط مع الوقت ليُنذر بتزايد أزمة الدولار في السوق.
والمشهد المُلفت في كل ما حصل من قطع للطرقات وإحتجاجات، أنها بدأت تطال مناطق جديدة. هذا الأمر، وبغض النظر عن التفسيرات والأبعاد السياسية، يُنذر بمدى خطورة الفوضى في حال زادت الأمور سوءًا وبالتالي، هُناك إلزامية التدخل من قبل الحكومة لقمع المُضاربين والمُهرّبين الذين يعبثون بأمن المُواطن المعيشي والذي هو عنصر من عناصر الأمن القومي! إلا أن حكومة تصريف الأعمال والتي من المفروض أن تسهر على تصريف أعمال الناس، غائبة عن السمع ومتقاعسة عن أداء أبسط واجباتها الوظيفية والوطنية خصوصًا من ناحية فرض هيبة الدوّلة لا سيما ضرب المنصات الإلكترونية المتواجدة في الخارج!
فكيف يُعقل أن تطبيقات على أجهزة خليوية تتحكّم بمصير شعب والحكومة لا تُحرّك ساكنًا؟ أليست هذه أولوية للأمن القومي اللبناني؟ يقولون إن هناك معوقات تقنية نظرًا إلى أن الناس تستخدم تقنية الـ "Virtual Private Network" لتخطّي الموانع التي تفرضها وزارة الاتصالات وهذا صحيح لو كان متعثراً مجال الحلول الدسبلوماسية؛ فلماذا مثلا لا تطلب الحكومة اللبنانية مُساعدة خارجية لوقف هذه التطبيقات؟ هل تتخيّلون أن يتمّ إنشاء منصّات إلكترونية مُضاربة لسعر صرف الدولار الأميركي مُقابل اليورو في الولايات المُتحدة الأميركية؟ ماذا ستكون ردّة فعل السلطات الأميركية؟ ألا يعلم القيّمون على الحكومة أن هذا الأمر خطير جدًا؟
لذا، وفي ظل غياب الرقابة الحكومية، أخذ التُجّار بالمُتاجرة بمصير الناس عبر إحتكار السلع المدعومة وذلك بهدف تهريبها أو الإبقاء عليها والإنتظار حتى يرتفع سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء بهدف بيعها على سعر السوق، إلا أن مع هذا الجنون في سعر الصرف المتفلت والطمع اللامتناهي لأهل النهم والجشع، فلا مفر من أن تنقطع مستقبلاً أهم السلع لحين إستقرار الأوضاع، وهذا الأمر يُلوح بقوة وينذر بالأسوأ فالأسوأ.
المصدر :جريدة الديار