28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

لبنان يدخل النفق الأسود دون بصيص أمل ‏سياسيّ أو اقتصادي

لبنان يدخل النفق الأسود دون بصيص أمل ‏سياسيّ أو اقتصادي يقول‎ ‎مصدر‎ ‎سياسيّ‎ ‎متابع‎ ‎لأوضاع‎ ‎لبنان‎ ‎الحالية،‎ ‎عاصر‎ ‎من‎ ‎موقع‎ ‎الشراكة‎ ‎الفاعلة،‎ ‎الحرب‎ ‎الأهلية‎ ‎والمراحل‎ ‎الأشدّ‎ ‎قسوة‎ ‎في‎ ‎نصف‎ ‎القرن‎ ‎الماضي‎ ‎التي‎ ‎عرفها‎ ‎لبنان،‎ ‎إن‎ ‎المشهد‎ ‎الراهن‎ ‎يدعو‎ ‎للقلق‎ ‎من‎ ‎تورّط‎ ‎اللبنانيين‎ ‎في‎ ‎سيناريو‎ ‎أسود‎ ‎مرعب،‎ ‎حيث‎ ‎المناخ‎ ‎السياسي‎ ‎لا‎ ‎يحمل‎ ‎ما‎ ‎يوحي‎ ‎بالأمل‎ ‎على‎ ‎مستوى‎ ‎ولادة‎ ‎سريعة‎ ‎لحكومة‎ ‎جديدة،‎ ‎والأوضاع‎ ‎الدولية‎ ‎والإقليمية‎ ‎التي‎ ‎تقدم‎ ‎لبنان‎ ‎فيها‎ ‎كأولوية‎ ‎خلال‎ ‎الصيف‎ ‎عادت‎ ‎لتنشغل‎ ‎عنه‎ ‎بما‎ ‎هو‎ ‎أهم‎ ‎حتى‎ ‎الربيع‎ ‎المقبل‎ ‎على‎ ‎الأقل،‎ ‎عندما‎ ‎تكون‎ ‎إدارة‎ ‎الرئيس‎ ‎الأميركي‎ ‎المنتخب‎ ‎جو‎ ‎بايدن‎ ‎قد‎ ‎تولّت‎ ‎مهام‎ ‎السلطة‎ ‎من‎ ‎جهة،‎ ‎ورسمت‎ ‎سياق‎ ‎تعاملها‎ ‎مع‎ ‎ملفات‎ ‎حيوية‎ ‎كالملف‎ ‎النوويّ‎ ‎الإيرانيّ‎ ‎من‎ ‎جهة‎ ‎أخرى،‎ ‎والأوضاع‎ ‎الاقتصادية‎ ‎والمالية‎ ‎تنذر‎ ‎بدنو‎ ‎ساعة‎ ‎السقوط‎ ‎الشامل‎ ‎والانهيار‎ ‎الكبير،‎ ‎مع‎ ‎فقدان‎ ‎مصادر‎ ‎تمويل‎ ‎الاستيراد،‎ ‎إذا‎ ‎بقي‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎عند‎ ‎موقفه‎ ‎برفض‎ ‎استعمال‎ ‎الاحتياط‎ ‎الإلزاميّ،‎ ‎والامتناع‎ ‎عن‎ ‎تخفيض‎ ‎نسبته‎ ‎الى‎ 10% ‎بما‎ ‎يحرر‎ ‎قرابة‎ ‎ستة‎ ‎مليارات‎ ‎دولار‎ ‎تتيح‎ ‎شراء‎ ‎الوقت‎ ‎اللازم‎ ‎حتى‎ ‎تعود‎ ‎الحيوية‎ ‎للمساعي‎ ‎السياسية‎ ‎داخلياً‎ ‎وخارجياً،‎ ‎هذا‎ ‎إذا‎ ‎لم‎ ‎يكن‎ ‎سبب‎ ‎رفض‎ ‎المصرف‎ ‎هو‎ ‎أن‎ ‎ما‎ ‎لديه‎ ‎من‎ ‎احتياط‎ ‎موجود‎ ‎على‎ ‎الورق‎ ‎فقط‎ ‎وليس‎ ‎في‎ ‎الواقع‎. ‎وفي‎ ‎هذه‎ ‎الحالة‎ ‎فالكارثة‎ ‎مقبلة‎ ‎لا‎ ‎محالة‎.‎
يضيف‎ ‎المصدر‎ ‎أن‎ ‎الانهيار‎ ‎الماليّ‎ ‎مع‎ ‎حدوثه‎ ‎سيكون‎ ‎محوره‎ ‎ارتفاعاً‎ ‎هائلاً‎ ‎في‎ ‎سعر‎ ‎الدولار،‎ ‎لن‎ ‎تنجح‎ ‎بتخفيف‎ ‎وطأته‎ ‎كل‎ ‎سياسات‎ ‎الدعم‎ ‎والترشيد،‎ ‎ولا‎ ‎يمكن‎ ‎تفاديه‎ ‎أو‎ ‎تخفيف‎ ‎آثاره‎ ‎إلا‎ ‎بحلول‎ ‎سياسيّة‎ ‎تبدأ‎ ‎بتشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎يدعمها‎ ‎الجميع،‎ ‎لا‎ ‎تبدو‎ ‎ممكنة‎ ‎في‎ ‎الأفق‎ ‎القريب‎ ‎والمنظور،‎ ‎ويبدي‎ ‎المصدر‎ ‎خشيته‎ ‎من‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎لبنان‎ ‎على‎ ‎أبواب‎ ‎الانزلاق‎ ‎لمرحلة‎ ‎شديدة‎ ‎السواد،‎ ‎فبعدما‎ ‎فقد‎ ‎اللبنانيّون‎ ‎المختلفون‎ ‎على‎ ‎كل‎ ‎شيء،‎ ‎الليرة‎ ‎التي‎ ‎كانت‎ ‎توحّدهم،‎ ‎وها‎ ‎هم‎ ‎ينقسمون‎ ‎على‎ ‎القضاء‎ ‎الذي‎ ‎كان‎ ‎حتى‎ ‎الأمس‎ ‎القريب‎ ‎لا‎ ‎يزال‎ ‎مصدر‎ ‎أمل‎ ‎وعنواناً‎ ‎لثقة‎ ‎جامعة‎ ‎بين‎ ‎اللبنانيين‎ ‎رغم‎ ‎الملاحظات‎ ‎التي‎ ‎يسوقها‎ ‎البعض‎ ‎يميناً‎ ‎ويساراً،‎ ‎مشيراً‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎الانقسام‎ ‎حول‎ ‎القضاء‎ ‎اليوم‎ ‎لا‎ ‎مثيل‎ ‎له‎ ‎في‎ ‎التاريخ‎ ‎اللبناني،‎ ‎فالمعلومات‎ ‎المتداولة‎ ‎حول‎ ‎التحقيقات‎ ‎في‎ ‎ملف‎ ‎تفجير‎ ‎مرفأ‎ ‎بيروت‎ ‎تشير‎ ‎الى‎ ‎تصادم‎ ‎حاصل‎ ‎لا‎ ‎محالة‎ ‎بين‎ ‎منهج‎ ‎المحقق‎ ‎العدلي‎ ‎مدعوماً‎ ‎من‎ ‎مجلس‎ ‎القضاء‎ ‎الأعلى‎ ‎ونقابة‎ ‎المحامين‎ ‎وشرائح‎ ‎سياسية‎ ‎أغلبها‎ ‎في‎ ‎الساحة‎ ‎المسيحية‎ ‎في‎ ‎السلطة‎ ‎وخارجها،‎ ‎يقابله‎ ‎تمسّك‎ ‎مجلس‎ ‎النواب‎ ‎بمنهج‎ ‎معاكس‎ ‎تدعمه‎ ‎شرائح‎ ‎سياسيّة‎ ‎أغلبها‎ ‎في‎ ‎الساحة‎ ‎الإسلامية‎ ‎في‎ ‎السلطة‎ ‎وخارجها،‎ ‎والحمايات‎ ‎الطائفيّة‎ ‎التي‎ ‎ظهرت‎ ‎بوجه‎ ‎استدعاءات‎ ‎المحقق‎ ‎العدلي‎ ‎المضافة‎ ‎للنزاع‎ ‎حول‎ ‎الصلاحيات‎ ‎الدستورية،‎ ‎تبدو‎ ‎حاضرة‎ ‎أيضاً‎ ‎في‎ ‎ملفات‎ ‎قضائية‎ ‎أخرى‎ ‎لا‎ ‎جدال‎ ‎دستورياً‎ ‎فيها‎ ‎حول‎ ‎الصلاحيات،‎ ‎كما‎ ‎هو‎ ‎الحال‎ ‎مع‎ ‎الملفات‎ ‎المثارة‎ ‎بوجه‎ ‎شخصيات‎ ‎عسكرية‎.‎
يقول‎ ‎المصدر‎ ‎إن‎ ‎الأزمة‎ ‎الاجتماعية‎ ‎المهيأة‎ ‎للانفجار،‎ ‎في‎ ‎الأسابيع‎ ‎الأولى‎ ‎من‎ ‎العام‎ ‎المقبل،‎ ‎ستقع‎ ‎على‎ ‎أرضية‎ ‎سياسية‎ ‎منقسمة‎ ‎طائفية،‎ ‎وستتكفل‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎غياب‎ ‎قيادة‎ ‎مجمع‎ ‎عليها‎ ‎لحراك‎ ‎شعبي‎ ‎مطلبي‎ ‎أو‎ ‎سياسي،‎ ‎بمنح‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎السخونة‎ ‎للحرب‎ ‎الباردة‎ ‎التي‎ ‎نشهدها‎ ‎تحت‎ ‎العنوانين‎ ‎الحكومي‎ ‎والقضائي،‎ ‎في‎ ‎مناخ‎ ‎تمكّنت‎ ‎خلاله‎ ‎القيادات‎ ‎التي‎ ‎فقدت‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎حضورها‎ ‎خلال‎ ‎انتفاضة‎ ‎السنة‎ ‎الماضية‎ ‎من‎ ‎استعادة‎ ‎شوارعها،‎ ‎وإعادة‎ ‎تكوين‎ ‎مضمون‎ ‎لقضايا‎ ‎وعناوين‎ ‎تمسك‎ ‎من‎ ‎خلالها‎ ‎بهذه‎ ‎الشوارع،‎ ‎ما‎ ‎يجعل‎ ‎الفوضى‎ ‎ممراً‎ ‎إلزامياً‎ ‎أمام‎ ‎اللبنانيين‎ ‎قبل‎ ‎أن‎ ‎تتيح‎ ‎لهم‎ ‎التسويات‎ ‎الإقليميّة‎ ‎والدوليّة،‎ ‎المرتقبة،‎ ‎إذا‎ ‎صدقت‎ ‎التوقعات،‎ ‎وكان‎ ‎حظ‎ ‎اللبنانيين‎ ‎جيداً،‎ ‎لتمنحهم‎ ‎فرصة‎ ‎التنفس‎ ‎مجدداً‎.‎
يختم‎ ‎المصدر‎ ‎بالقول،‎ ‎إن‎ ‎اللبنانيين‎ ‎الذين‎ ‎خسروا‎ ‎اجتماعهم‎ ‎حول‎ ‎الليرة‎ ‎ويخسرون‎ ‎إجماعهم‎ ‎حول‎ ‎القضاء،‎ ‎لم‎ ‎يعد‎ ‎لديهم‎ ‎سوى‎ ‎الجيش‎ ‎الذي‎ ‎يخشون‎ ‎من‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎الذهاب‎ ‎بهم‎ ‎الى‎ ‎الفوضى‎ ‎مدخلاً‎ ‎لإضعافه،‎ ‎خصوصاً‎ ‎أن‎ ‎تداعيات‎ ‎انهيار‎ ‎القوة‎ ‎الشرائية‎ ‎لليرة‎ ‎وتدهور‎ ‎الوضع‎ ‎الاجتماعي‎ ‎سينعكس‎ ‎حكماً‎ ‎على‎ ‎المؤسسات‎ ‎العسكرية‎ ‎والأمنية‎. ‎ودعا‎ ‎المصدر‎ ‎لأن‎ ‎يضع‎ ‎كبار‎ ‎المسؤولين‎ ‎كل‎ ‎هذه‎ ‎المخاطر‎ ‎أمامهم‎ ‎ويتساءلوا‎ ‎عما‎ ‎إذا‎ ‎كانت‎ ‎المواقف‎ ‎السياسية‎ ‎والحسابات‎ ‎الخاصة‎ ‎التي‎ ‎يقفون‎ ‎خلفها‎ ‎تستحق‎ ‎المخاطرة‎ ‎بأخذ‎ ‎لبنان‎ ‎واللبنانيين‎ ‎الى‎ ‎الكارثة‎ ‎بعيون‎ ‎مفتوحة؟
فيما‎ ‎أقفل‎ ‎باب‎ ‎تأليف‎ ‎الحكومة‎ ‎حتى‎ ‎إشعار‎ ‎آخر،‎ ‎ويقترب‎ ‎لبنان‎ ‎رويداً‎ ‎رويداً‎ ‎من‎ ‎الانهيار‎ ‎الاقتصادي‎ ‎والاجتماعي،‎ ‎بقي‎ ‎المشهد‎ ‎الداخلي‎ ‎تحت‎ ‎وطأة‎ ‎مفاعيل‎ ‎زلزال‎ ‎قرار‎ ‎قاضي‎ ‎التحقيق‎ ‎العدلي‎ ‎فادي‎ ‎صوان‎ ‎والذي‎ ‎من‎ ‎المرشح‎ ‎أن‎ ‎تستمر‎ ‎وتتمدّد‎ ‎تردداته‎ ‎على‎ ‎المستويات‎ ‎القضائية‎ ‎والنيابية‎ ‎والسياسية‎ ‎والطائفية،‎ ‎بخاصة‎ ‎أن‎ ‎المعلومات‎ ‎تؤكد‎ ‎بأن‎ ‎القاضي‎ ‎صوان‎ ‎مستمرّ‎ ‎في‎ ‎المسار‎ ‎القانوني‎ ‎والقضائي‎ ‎للملف‎ ‎إلى‎ ‎النهاية‎ ‎مدعوماً‎ ‎من‎ ‎بعض‎ ‎الجهات‎ ‎السياسية،‎ ‎وعندما‎ ‎تنسد‎ ‎الأبواب‎ ‎في‎ ‎وجهه‎ ‎سيتنحّى‎ ‎عن‎ ‎الملف‎.‎
المصدر :جريدة البناء