لبنان يدخل النفق الأسود دون بصيص أمل سياسيّ أو اقتصادي
يضيف المصدر أن الانهيار الماليّ مع حدوثه سيكون محوره ارتفاعاً هائلاً في سعر الدولار، لن تنجح بتخفيف وطأته كل سياسات الدعم والترشيد، ولا يمكن تفاديه أو تخفيف آثاره إلا بحلول سياسيّة تبدأ بتشكيل حكومة يدعمها الجميع، لا تبدو ممكنة في الأفق القريب والمنظور، ويبدي المصدر خشيته من أن يكون لبنان على أبواب الانزلاق لمرحلة شديدة السواد، فبعدما فقد اللبنانيّون المختلفون على كل شيء، الليرة التي كانت توحّدهم، وها هم ينقسمون على القضاء الذي كان حتى الأمس القريب لا يزال مصدر أمل وعنواناً لثقة جامعة بين اللبنانيين رغم الملاحظات التي يسوقها البعض يميناً ويساراً، مشيراً إلى أن الانقسام حول القضاء اليوم لا مثيل له في التاريخ اللبناني، فالمعلومات المتداولة حول التحقيقات في ملف تفجير مرفأ بيروت تشير الى تصادم حاصل لا محالة بين منهج المحقق العدلي مدعوماً من مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين وشرائح سياسية أغلبها في الساحة المسيحية في السلطة وخارجها، يقابله تمسّك مجلس النواب بمنهج معاكس تدعمه شرائح سياسيّة أغلبها في الساحة الإسلامية في السلطة وخارجها، والحمايات الطائفيّة التي ظهرت بوجه استدعاءات المحقق العدلي المضافة للنزاع حول الصلاحيات الدستورية، تبدو حاضرة أيضاً في ملفات قضائية أخرى لا جدال دستورياً فيها حول الصلاحيات، كما هو الحال مع الملفات المثارة بوجه شخصيات عسكرية.
يقول المصدر إن الأزمة الاجتماعية المهيأة للانفجار، في الأسابيع الأولى من العام المقبل، ستقع على أرضية سياسية منقسمة طائفية، وستتكفل في ظل غياب قيادة مجمع عليها لحراك شعبي مطلبي أو سياسي، بمنح الكثير من السخونة للحرب الباردة التي نشهدها تحت العنوانين الحكومي والقضائي، في مناخ تمكّنت خلاله القيادات التي فقدت الكثير من حضورها خلال انتفاضة السنة الماضية من استعادة شوارعها، وإعادة تكوين مضمون لقضايا وعناوين تمسك من خلالها بهذه الشوارع، ما يجعل الفوضى ممراً إلزامياً أمام اللبنانيين قبل أن تتيح لهم التسويات الإقليميّة والدوليّة، المرتقبة، إذا صدقت التوقعات، وكان حظ اللبنانيين جيداً، لتمنحهم فرصة التنفس مجدداً.
يختم المصدر بالقول، إن اللبنانيين الذين خسروا اجتماعهم حول الليرة ويخسرون إجماعهم حول القضاء، لم يعد لديهم سوى الجيش الذي يخشون من أن يكون الذهاب بهم الى الفوضى مدخلاً لإضعافه، خصوصاً أن تداعيات انهيار القوة الشرائية لليرة وتدهور الوضع الاجتماعي سينعكس حكماً على المؤسسات العسكرية والأمنية. ودعا المصدر لأن يضع كبار المسؤولين كل هذه المخاطر أمامهم ويتساءلوا عما إذا كانت المواقف السياسية والحسابات الخاصة التي يقفون خلفها تستحق المخاطرة بأخذ لبنان واللبنانيين الى الكارثة بعيون مفتوحة؟
فيما أقفل باب تأليف الحكومة حتى إشعار آخر، ويقترب لبنان رويداً رويداً من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، بقي المشهد الداخلي تحت وطأة مفاعيل زلزال قرار قاضي التحقيق العدلي فادي صوان والذي من المرشح أن تستمر وتتمدّد تردداته على المستويات القضائية والنيابية والسياسية والطائفية، بخاصة أن المعلومات تؤكد بأن القاضي صوان مستمرّ في المسار القانوني والقضائي للملف إلى النهاية مدعوماً من بعض الجهات السياسية، وعندما تنسد الأبواب في وجهه سيتنحّى عن الملف.
المصدر :جريدة البناء
- علامات:
- ثقافة