28.5c درجة الحرارة في بيروت
أهم الأخبار:
image

د. عبد المجيد زراقط : الشهيد ابراهيم رسلان ( أبو خليل ) ، وحقيقة الوحشية الاسرائيلية/جريدة الايام الإلكترونية

د. عبد المجيد زراقط : الشهيد ابراهيم رسلان ( أبو خليل ) ، وحقيقة الوحشية الاسرائيلية/جريدة الايام الإلكترونية د. عبد المجيد زراقط :
أذكر أنِّي قرأت ترجمة لقصة قصيرة فييتنامية، خرج فيها الفلاح الفيتنامي من مخبئه ، بعد قصف الطيران الأميركي لمنزله، وأجال نظره في الأرض والسماء ، فسُئل : عمَّ تبحث ؟ فأجاب : أبحث عن القاتل الأمريكي ، لأرى من أيَِّ نوع من الكائنات هو ؟ فالانسان لايقتل بهذه الوحشية التي يقتل بها هذا الكائن .
واذ نتابع وحشية الجيش الاسرائيلي المحتل وارتكابه المجازر في غزة والضفة الغربية ولبنان الجنوبي ، نسأل السؤال نفسه : أيُّ نوع من الكائنات هم هؤلاء القتلة ؟
كنت أحاول تحصيل معرفة بهم ، فأقرأ في نصوصهم الأدبية المترجمة ، ومما بدا لي ، أنهم يرون في العربي والفلسطيني ، صاحب الأرض التي استوطنوها الاَخر ،العدوَّ الذي يجب التخلُّص منه ، من طريق ابادته أو تهجيره ... ،
وقبل أن أكمل قراءة النصوص المتوافرة لدي ، جاءني الخبر المؤلم والمؤكِّد لما تبيَّن لي ، والخبر هو استشهاد الفلاح ، المزارع ، الطيب ، ابراهيم رسلان ( أبو خليل ) ، ابن قريتي مركبا.
أعرف ابراهيم منذ كان طفلا وفتى ، يلعب مع رفاقه ،فنحن أبناء قرية واحدة وحارة واحدة . أعرفه ، منذ تلك المرحلة من العمر ، والى أواخر هذا الصيف ، أعرفه انساناً حقيقياً ، طيِّب القلب ، لطيفاً ، دمثاً ، ممتلئاً حيوية ونشا طاً ، ذكياً ، لمَّاحاً ، لاتفارق الابتسامة وجهه .َ
لم يكمل تعليمه ، فعمل فلاحاً ، ومربِّي مواشٍ . كان يزرع قطعة أرض لي ، ويقول : خسارة ... ، الزراعة ، صارت ، في هذه الأيام خسارة ، الأرض لازم تعطيها لتعطيك ، لكن من أين ، وكلك فهم ... !؟ ويضيف : لكن لازم نزرع أرضنا ، أنا مابحب تبقى الأرض بور .
وفي الصيف ، يكثر طالبو الحليب واللبن ، فتنظِّم زوجته الدور ، فأشكوها له ، عندما يتأخر دوري ، فيبتسم ، ويقول : أم خليل ماعندا واسطة ، ماانت ، يادكتور ، لازم تحافظ على المساواة ، مش هيك كنت تعلمنا !؟ فأجاريه في الابتسام ، وأقول : هيك ونص .
الليلة قصف طيران العدو الاسرائيلي منزل أبي خليل ومنزل العائلة ، وسوَّى بيوت الحارة بالأرض ، وهذه الوحشية هي طبيعة فيه ، فنعود الى طرح السؤال : من أيِّ الكائنات هو !؟
رحمك الله ، سبحانه وتعالى ، ياصديقي العزيز ، ياأبا خليل ، وأدخلك فسيح جنانه ، ومباركة شهادتك .
د. عبد المجيد زراقط. أكاديمي. ناقد أدبي قاص وروائي.