محمد صالح صدقيان : الخطة “ج” الأمريكية.. سقوط خيار الحرب مع إيران / جريدة الأيام الإلكترونية
هذه الزيارة لم تكن بعيدة عن صفقتين كان يُراد تنفيذهما بين طهران وواشنطن استناداً إلی تفاهمات تمت خلال زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران في 28 يونيو/حزيران الفائت.في الأسبوع الماضي، دخل عامل جديد علی خط الأزمة عندما قرّرت وزارة الدفاع الأمريكية إرسال طائرات من نوع “إف 16″ و”إف 35” وبارجة حربية جديدة إلى المنطقة للدفاع عن المصالح الأمريكية وحماية حرية الملاحة في مضيق هرمز، كما قال الناطق باسم البنتاغون. خطوة وزارة الدفاع الأمريكية، وإن كانت مهمة علی الصعيد الأمني الإقليمي، لكنها حتماً لم تبث الرعب في قلب دولة كإيران تشرف علی حركة الملاحة في مضيق هرمز الحيوي وعلى المياه الخليجية، وهي مهمة أسندها الإيرانيون تحديداً للبحرية التابعة للحرس الثوري التي تتمتع بهامش من حرية الحركة.. والجرأة في التعامل مع الإحتكاكات والتدافع العسكري في هذه المنطقة. إلا أن تجدد الحديث عن إستئناف المفاوضات بين واشنطن وطهران هو أمرٌ مهمٌ أيضاً لجهة تأثير هكذا مفاوضات علی جميع الأطراف المحلية والدولية وتحديداً في ظل التحديات التي تطرحها الأزمة الأوكرانية.
وهذا بطبيعة الحال لا يمكن أن يتوفر في عقلية المفاوض الإيراني، أياً كان طعمه وشكله ولونه!
الثاني هو الإتحاد الأوروبي، وهو الآن في أضعف حالاته، في ظل تداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية ولا نصير له سوی الولايات المتحدة التي تعمل معه على أساس مصالحها أولاً وليس مصلحة القارة الأوروبية، وهذا يعني أن الأوروبيين كانوا لا بل صاروا أكثر من أي وقت مضى أسرى المظلة الأمريكية؛ فما تُفصّله واشنطن لا يختلف عليه إثنان في أوروبا، ولذلك هم يراقبون المفاوضات الأمريكية ـ الإيرانية اليوم، كما كانوا يراقبونها سابقاً، وإن بحذر أقل مما كان عليه قبل العام 2015.
الثالث هو الجانب العربي ولا سيما الخليجي؛ فالتطورات التي تشهدها العلاقات العربية الإيرانية وخصوصاً العلاقات السعودية الإيرانية، وإن كانت تسير ببطء وحذر إلا أنها تستند إلی إرادة سياسية متبادلة بإنهاء حالة التدافع الأمني والسياسي في المنطقة والتقدم إلى الأمام تعزيزاً للامن والإستقرار في المنطقة.
هنا، لا بد من التوقف عند إستحقاق إنتهاء فترة الحظر الدولي المفروضة على إيران لجهة شراء أو تصدير أسلحة كلاسيكية، بموجب إحدى فقرات القرار الدولي الرقم 2231 التي ينتهي مفعولها في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي، وذلك إستناداً إلى اتفاق العام 2015. لذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع الجانب الأمريكي لتفعيل آلية “سناب باك” الواردة في القرار 2231 من أجل عودة العقوبات الأممية المفروضة علی إيران والتي كانت سائدة قبل يوليو/تموز 2015.
ويسود الإعتقاد أن الأوروبيين والأمريكيين يسيرون بخطة توزيع للأدوار للضغط علی الإيرانيين الذين يعلمون جيداً كيف تسير الأمور وبأي اتجاه؟ فلا غرابة أن تعقد وزارة الخارجية الإيرانية، الأسبوع الماضي، إجتماعاً لوزراء الخارجية السابقين مع مساعديهم، بمن فيهم مهندس إتفاق 2015 محمد جواد ظريف لمناقشة السياسات التي يُمكن انتهاجها خلال الأسابيع المقبلة لعبور استحقاق تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
بكل الأحوال، راهنت معظم الدول الغربية علی نتائج الإحتجاجات التي شهدتها إيران علی خلفية وفاة الشابة مهسا أميني من أجل تعديل المواقف الإيرانية؛ إلا أن الإدارة الأمريكية أيقنت في نهاية المطاف أن الخطة “ب” التي وضعتها لمواجهة إيران لم تعد مجدية وأن النظام السياسي في طهران أقوی من تلك التقارير التي تُدبّجها المعارضة الإيرانية التي تعيش في أحضان الغرب؛ في الوقت الذي فشلت فيه الإدارة الأمريكية الحالية في إتخاذ قرار شجاع يقضي بإعادة إحياء الإتفاق النووي مع إيران.
إننا أمام أسابيع مهمة وفاصلة في المنطقة، يزيد في أهميتها ما يُمكن أن نشهد من تطورات على صعيد الحرب الأوكرانية، فضلاً عن ضرورة ترقب ما يجري في الداخل الإسرائيلي.
محمد صالح صدقيان.أكاديمي وباحث في الشؤون السياسية.
المصدر : 180 post
- علامات:
- ثقافة