عبد المجيد زراقط.. دور العلماء العامليِّين الأدبي [الشيخ حسن زين الدِّين (959/1011 هـ -1552/1602م)] / جريدة الأيام الإلكترونية
ذكر السيِّد محسن الأمين أنَّه ألَّف أربعة وعشرين كتاباً، إضافة إلى ديوان شعر كبير جمعه تلميذه الشاعر نجيب الدِّين علي الجبيلي(). يعدّ الشيخ حسن زين الدِّين شاعراً كبيراً، يصدر في شعره عن وجد صادق، يصور ما يختلج في النفس من مشاعر، سواء في مديحه الدِّيني أم في شعره الوجداني، وبخاصَّة ما يصوِّر حنينه إلى الوطن والأهل. موضوعات شعره الأثيرة: المديح الدِّيني والحنين والغزل ورثاء الأصحابي والحكمة. يقول الدكتور محمَّد كاظم مكِّي في بيان مكانته الشعرية: "لعل حسن بن الشهيد أول شاعر في العامليِّين، بعد عبد المحسن الصُّوري، نلمس في قصائده، سلاسة تعبير وبساطة إنشاد، وهو بالنِّسبة إلى الحركة الأدبية قد فتح باباً جديداً لا نقع عليه في شعر العرب إلاَّ في ديار الأندلس، ألا وهو شعر الحنين، وفي هذا ترسَّم خطاه كثيرون بعده كحفيده زين الدِّين بن علي والبهاء العاملي وغيرهما. وهكذا يعتبر الحسن العاملي أول من أدخل هذا الفن إلى الشعر في الجبل، كما يعتبر الشاعر الحق الصَّادق في شعره وشعوره...().
طوف حسن العاملي في فنون شعرية تسمح له بالتعبير عن عواطفه وأحاسيسه وخير هذا الشعر ما جاء في الحنين والغزل ورثاء الأصحاب والحكمة، فهو في غزله يصف مشاعره وحالته، أكثر من وصفه جمال الحبيب متذكراً سالف أيامه الطيبة، يشكو ظلم حبيبه البادي في مقلتيه: لحـسـن وجـهـك للعشـاق آيــات
ومـن لحـاظـك قـد قـامـت قـيـامـات
يا ظالماً في الهوى حكمت مقلته
وفـي مـقـلـتـي فـبـدت مـنـها جنايات
تفديك نفسي هل للهجر من أمدي
يقضي وهل لاجتماع الشمل ميقات()
أكثر في شعره من الحنين، وحياته في الغربة بعيداً عن أهله وأحبابه جعلته يتذكر الأحباب والأوطان:
طول اغترابي بفرط الشوق أضناني
والبين في غمرات الوجد ألقاني
يا بـارقاً من نواحي الحي عارضني
إليك عنـي فقد هـيجـت أشجانـي
فــما رأيـتـك فــي الآفـاق معتـرضاً
إلاَّ وذكرتـنـي أهلي وأوطاني...
شابت نواصي من وجدي فوا أسفي
على الشباب فشيبي قبل إبانـي
لا يسكـن الوجـد ما دام الشتات ولا
تصفو المشارب لي إلا بلبـنـان
"ولعل الشاعر رشيد أيوب المهاجر اللبناني قد تأثر في مهجره بغربته وبعده عن وطنه فقال ما يشبه شعر العاملي معنى وقالباً وقافية في قصيدة منها: يا ثلج قد هيجت أشجاني
ذكرتني أهلي بلبنان"()
وفي غربته له قصائد عديدة يبدو فيها وقد آلمه الحال وبرح به الشوق: فـؤادي ضـاعـــن إثـر الـنـيـاق
وجسمي قاطن أرض العراق
ومن عجب الزمان حياة شخص
ترحل بعضه والـبـعـض بـاق
وله في الحكمة شعر نتج عن تجربته اليومية الخاصة، ونظرته العقلية. أما في المديح، فنحن لا نعثر له إلا على مدائح لآل البيت، وهذا النوع من المديح بات نهجاً تقليدياً، ليس فقط لدى الشعراء العامليين بل عند شعراء الشيعة أجمع، وقد يأتي هذا المدح ضمن تشوقه للقاء الحبيب:
ولقد نذرت صيام يوم لقائهم
مع أنَّه من أكبر الأعياد
نفسي فداء أحبة في حبهم
ذهب الزمان وما بلغت مرادي
لكنني متمسك بهدايتي
لولاء أصحاب الكسا الأمجاد
إضافة إلى شعر آخر يتذكر فيه الآخرة، أو يدعو الناس إلى تذكرها: ولقد عجبت وما عـجبـ
ت لكل ذي عـيـن قريره
وأمـامـه يـوم عــظـيــ
م فـيه تـتـكشف السريـره
هـذا ولـو ذكـر ابــن آ
دم مـا يلاقي في الحفيره
لبـكى دماً من هول ذ
لك مـدة العـمر القصـيرة
فاجهد لنفسك في الخلا
ص فدونه سـبل عـسيره.
الدكتور عبد المجيد زراقط. أكاديمي. ناقد أدبي. قاص وروائي.
جريدة الأيام الإلكترونية. بيروت
- علامات:
- ثقافة